المغرب ويعجل العصر مع الإمكان إظهارا لمزيته وتنبيها على رتبته دون رتبة الصلاة ولما في قضائه من كبير المضرة حتى راعى ذلك جمهور العلماء إذا غم الهلال فوقف الناس يوم النحر وقالوا يجزيهم وإن لم يكن يوم عرفة انتهى وتقدم في كلام ابن رشد أنه إنما تقدم الصلاة على القول بالتراخي وأما على القول بالفور فهما فرضان تزاحما في وقت واحد إلى آخر كلامه قلت وقوله أنهما فرضان تزاحما ظاهر وقوله إن ذلك إنما يأتي على القول بالفور غير ظاهر لأن الفور والتراخي إنما ينظر فيه قبل الدخول في الإحرام أما بعد الدخول في الإحرام فقد صار إتمامه فرضا على الفور إجماعا بل لو كان تطوعا وجب عليه إتمامه على الفور ولو أفسده وجب قضاؤه على الفور فالوقت مستحق للحج والصلاة معا وقول ابن بشير في توجيه تقديم الصلاة ولاستحقاقها الوقت وقول ابن عبد السلام إنه جيد على فرض المسألة في الحاضرة غير مسلم أيضا لما ذكرنا وقول القرافي المضيق في الشرع مقدم على ما وسع فيه والموسع فيه في زمان محصور كالصلاة مقدم على ما غياه بالعمر كالكفارات وما رتب على تاركه القتل مقدم على ما ليس كذلك ليس في الصلاة في الصورة المفروضة ما يقتضي تقديمها على الحج إلا كونها ترتب على تاركها القتل وأما ما قبل ذلك فإن الحج يشاركها فيه لأنه قد استحق ذلك الوقت وصار مضيقا بحيث لا يجوز فيه الاشتغال بغيره والصلاة الحاضرة تشاركه في ذلك لكن يترجح تقديم الحج بأن الشرع يراعي ارتكاب أخف الضررين وبأن ما يترتب في الذمة ولا يمكن الخلاص منه إلا بعذر من بعيد ينبغي أن يقدم على ما يمكن قضاؤه بسرعة كما قاله ابن رشد ويرجح أيضا تقديم الحج أن القرافي قرر في الفرق المذكور أن صون الأموال يقدم على العبادات فيقدم صون المال في شراء الماء للوضوء والغسل إذا رفع في ثمنه على العادة على فعلهما ويقدم إسقاط وجوب الحج إذا خيف على النفس أو المال على إيجاب فعله ولا شك أن في تفويته إتلافا للمال المصروف في القضاء وفي الخلاف على النفس كما سيأتي في كلام ابن عبد السلام في التنبيه الذي بعد هذا وهو الذي يؤخذ من كلام المتقدمين فإن كلام ابن المواز وابن عبد الحكم الذي نقله صاحب النوادر وابن يونس شامل للفائتة والحاضرة وكل واحد منهما قدم الحج عند تحقق المزاحمة ووجود الضرورة أعني المشقة المترتبة على القضاء ورأى ابن المواز أن مع البعد لا تتحقق المزاحمة لحصول الشك في الإدراك ورأى ابن عبد الحكم أن المرجح إنما هي الضرورة وهي إنما تحقق في الآفاقي وغيره يرجح التقديم بغيرها مما تقدم ذكره من براءة الذمة بوجود مطلق الضرورة فتأمله والله أعلم الرابع اعترض ابن بشير على الشيخ عبد الحميد في قوله تصلى كصلاة المسايف بأنه قياس مع عدم تحقق وجود الجامع لأن المشقة في الأصل خوف إتلاف النفس وفي الفرع خوف إتلاف المال وبأنه قياس على الرخص وأجاب ابن عبد السلام عن الأول بأن الأسفار الشاقة مع بعد المسافة يخشى معها على النفس مع ضميمة إتلاف المال ففي الفرع ما في الأصل وزيادة فيعود إلى قياس الأحرى وعن الثاني بأن القياس على الرخص المختلف في قبوله إنما هو إذا كان الأصل المقيس عليه منصوصا عليه في الشريعة أما إذا كان اجتهاديا فلا نسلم انتهى قلت وذكر ابن عرفة اعتراض ابن بشير ولم يرده ولا ذكر أنها تصلى عند الخوف على المال ولا ذكر كلام ابن عبد السلام وهذا تسليم منهم أن صلاة المسايفة إنما تصلى عند الخوف عن النفس والذي يفهم من كلامهم في كتاب الصلاة أنها تصلى عند الخوف على المال لأنهم قالوا إنها تصلى عند الخوف من اللصوص واللص إنما يطلب