ويهبط منها على الأبطح والمقبرة فيها على يسارك وأنت نازل منها ويخرج من ثنية كدي بضم الكاف وفتح الدال وتشديد الياء على التصغير وهي الوسطى التي بأسفل مكة لما في الموطأ أنه كان يدخل مكة من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى وروي الفتح في كاف الاثنين والسر في هذا الدخول أن نسبة باب البيت إليه كنبسة وجه الإنسان إليه وأماثل الناس إنما يقصدون من جهة وجوههم لا من ظهورهم ومن أتى من غير هذا الوجه لم يأت من قبالة الباب ثم يدخل المسجد الحرام من باب بنى شيبة لأنه قبالة البيت فيأتي الركن الأسود لأن جنبي الباب كيمين الإنسان ويساره فالذي يقابل يمين المستقبل للبيت يسار البيت ويمين البيت قبالة يسار المستقبل له وفي هذا الموضع الحجر فجعل البداية باليمين لفضله أو لفضيلة الحجر في نفسه فيبتدئ بطواف القدوم لأن القدوم على الأماثل يوجب التحية عليهم وبيت الله في أرضه كبيت الملك في دولته فشرع الله تعالى طواف القدوم إظهارا لاحترام العبد لبيت الرب وتميزا له عن غيره كما شرع الصلاة في دخول المساجد لذلك وكذلك شرع طواف الوداع لأن القادم ينبغي له السلام إذا فارق ولما كان السلام على الله تعالى محالا لكونه سالما لذاته فلا يدعى له بالسلامة جعلت الصلاة والطواف بدلا منه لتمييز جناب الربوبية عن غيرها وفي الكتاب يستحب دخولها نهارا لما في الموطأ أن ابن عمر رضي الله عنه كان إذا دنا من مكة بات بذي طوى بين الثنيتين حتى يصبح ثم يصلي الصبح ثم يدخل من التثنية التي بأعلا مكة ولا يدخل إذا خرج حاجا أو معتمرا حتى يغتسل قبل أن يدخل إذا دنا مكة بذي