الإقامة في موضع من البادية يعم فيه عدم الماء فلا إعادة فيه بلا خلاف هكذا صرح بالصورتين صاحب الحاوي وإمام الحرمين ونقله الروياني عن القفال وقاله آخرون ولا نعلم فيه خلافا ولو دخل المسافر في طريقه قرية فعدم الماء فيها وصلى بالتيمم فوجهان حكاهما المتولي والروياني وآخرون أحدهما لا إعادة لأنه مسافر ولهذا يباح له القصر والفطر وأصحهما وجوب الإعادة صححه الروياني والرافعي وهو قول القفال وقطع به البغوي وغيره لأن عدم الماء في القرية نادر فالضابط الأصلي ما قاله الرافعي وأشار إليه إمام الحرمين وصاحب الشامل وآخرون أن الإعادة تجب إذا تيمم في موضع يندر فيه عدم الماء ولا يجب إذا كان العدم يغلب فيه بدليل ما ذكرنا من هاتين الصورتين قال الرافعي اعلم أن وجوب الإعادة على المقيم ليس لعلة الإقامة بل لأن فقد الماء في موضع الإقامة نادر وكذا عدم الإعادة في السفر ليس لكونه مسافرا بل لأن فقد الماء في السفر مما يعم حتى لو أقام في مفازة أو موضع يعدم فيه الماء غالبا وطالت إقامته وصلى بالتيمم فلا إعادة وفي مثله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه وكان يقيم بالربذة ويفقد الماء أياما التراب كافيك ولو لم تجد الماء عشر حجج قال ولو دخل المسافر في طريقه قرية وعدم الماء تيمم وأعاد على الأصح وإن كان حكم السفر باقيا عليه لندور العدم وإذا عرفت هذا علمت أن قول الأصحاب إن المقيم يقضي والمسافر لا يقضي جاز على الغالب في حال السفر والإقامة وإلا فالحقيقة ما بيناه هذا كلام الرافعي وذكر معناه إمام الحرمين وصاحب الشامل وآخرون والله أعلم فرع قال صاحب البيان قال الشيخ أبو حامد إذا خرج الرجل إلى ضيعته وبستانه فعدم الماء كان له أن يتيمم ويتنفل على الراحلة قال فمقتضى قوله إنه سفر قصير ففي إعادة ما صلى فيه بالتيمم القولان المشهور ونص البويطي والله أعلم فرع في مذاهب العلماء فيمن عدم الماء في الحضر قد ذكرنا أن مذهبنا المشهور أنه يصلي بالتيمم وعليه الإعادة وبه قال جمهور العلماء وهو رواية عن أبي حنيفة وعنه رواية أنه لا يصلي بالتيمم وعن مالك والثوري والأوزاعي والمزني والطحاوي يصلي بالتيمم ولا يعيد وهو رواية عن أحمد وقول لنا كما سبق واحتج لمن لم يوجب الصلاة بقوله تعالى وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا النساء فأباحه للمريض وللمسافر فلم يجز لغيرهما وبأن إباحتها مع