من النوافل فلما أحدث حرمت النوافل فإذا توضأ ارتفع تحريم النوافل ولا يستبيح الفرض لأن هذا الوضوء لم ينب عن الجنابة فإن لم يتوضأ به وتيمم للفريضة جاز واستباح الفريضة والنافلة جميعا فإن تيمم للنافلة وحدها فوجهان أحدهما يستبيحها كما يستبيحها إذا نوى الفريضة تبعا وأصحهما لا يستبيحها وهو قول القاضي أبي الطيب لأنه يقدر على الوضوء لها فلا يستبيحها بالتيمم بخلاف التيمم للفريضة فإنه ينوب عن غسل الجنابة قالوا وهذه المسألة مما يمتحن به فيقال وضوء يستباح به النافلة دون الفريضة ولا نظير لها ويقال وضوء يصح بنية استباحة النفل ولا يصح بنية استباحة الفرض ويقال محدث ممنوع من الصلاة لحدثه فإن تيمم للفرض استباحه واستباح النفل وإن تيمم للنفل لم يصح له ولا لغيره وهذا السؤال الثالث يجيء على الوجه الثاني وهذا كله تفريع على قولنا لا يجب استعمال الناقص هكذا ذكر هذه المسألة العراقيون والمتولي وحكى إمام الحرمين هذا عن العراقيين ثم قال وهذا فيه نظر قال والوجه أن يقال الوضوء مع الجنابة لا أثر له ولا يتضمن رفع الحدث ووجوده بمثابة ما إذا طرأ الحدث ثم وجد ماء قليلا فيخرج على وجوب استعماله وسواء قلنا يجب أو لا يجب فلا بد من التيمم للنافلة قال وفي المسألة احتمال على الجملة هذا كلام الإمام والمشهور ما سبق أما إذا اغتسل الجنب وبقي عضو من بدنه لم يجد له ماء فتيمم له ثم أحدث فتيمم ثانيا ثم وجد ماء يكفي ذاك العضو دون وضوئه فقد قال القاضي حسين والمتولي والبغوي والروياني إن قلنا فيمن وجد بعض ما يكفيه لا يلزمه استعماله وجب استعمال هذا الماء في ذلك العضو ولا يبطل تيممه لأن التيمم الثاني وقع عن الحدث ولم يقدر بعده على ما يزيل الحدث وإن قلنا يجب استعماله فقد تعارض فرضان أحدهما الباقي من الجنابة والثاني المقدور عليه من أعضاء الوضوء وليس أحدهما أولى من الآخر هذا كلام هؤلاء ونقله إمام الحرمين عن ابن سريج قال ونقله الصيدلاني عنه ولم يعترض عليه قال الإمام وفرقه بين قولنا يجب استعماله أو لا يجب غير صحيح وكذا أنكره الغزالي في البسيط والشاشي قال الشاشي هذا بناء فاسد وتفريع باطل بل يلزمه استعماله في العضو الباقي من الجنابة قولا واحدا ولا يبطل تيممه على القولين لأن الماء تعين استعماله عن الجنابة والتيمم وقع عن الحدث فلم يؤثر فيه ما لا يجب استعماله فيه وهذا الذي قاله الشاشي هو الأظهر وقد قطع صاحب الحاوي في باب صفة الغسل بأنه إذا أجنب فوجد ما يكفيه إلا موضعا يسيرا فاغتسل وبقي ذلك الموضع فتيمم وصلى ثم وجد ما يكفيه لبدنه للباقي من الجنابة لزمه استعماله في هذا الباقي من الجنابة ولا يستعمله في أعضاء الوضوء فإذا استعمله في الباقي تيمم وصلى فرضا ونفلا قال وإن تيمم قبل استعماله جاز لأن التيمم للحدث الطارىء واستعمال الماء للجنابة فجاز تقديم أحدهما على الآخر قال فلو أراق هذا الماء بعد