العدو المحرمين عن المضي في الحج من جميع الطرق فلهم التحلل سواء كان الوقت واسعا أم لا وسواء كان العدو مسلمين أو كفارا لكن إن كان الوقت واسعا فالأفضل تأخير التحلل فلعله يزول المنع ويتم الحج وإن كان الوقت ضيقا فالأفضل تعجيل التحلل خوفا من فوات الحج ويجوز للمحرم بالعمرة التحلل عند الإحصار بلا خلاف ودليل التحلل وإحصار العدو نص القرآن والأحاديث الصحيحة المشهورة في تحلل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عام الحديبية وكانوا محرمين بعمرة وإجماع المسلمين على ذلك وأما إذا منعوا وطلب منهم مال ولم يمكنهم المضي إلا ببذل مال فلهم التحلل ولا يلزمهم بذله بلا خلاف سواء قل المطلوب أم كثر فإن كان الطالب كفارا قال الشافعي والأصحاب كره ذلك ولا يحرم قال الشافعي كما لا تحرم الهبة للكفار وإن كانوا مسلمين لم يكره لما ذكره المصنف وأما إذا احتاج الحجيج إلى قتال العدو ليسيروا فينظر إن كان المانعون مسلمين جاز لهم التحلل وهو أولى من قتالهم لتعظيم دماء المسلمين فإن قاتلوه جاز لأنهم صائلون وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قتل دون ماله فهو شهيد وفي حديث صحيح ومن قتل دون دينه فهو شهيد وإن كان العدو كفارا فوجهان أحدهما وهو مشهور في كتب الخراسانيين أنه إن كان العدو أكثر من مثلي عدد المسلمين لم يجب قتالهم وإلا وجب قال إمام الحرمين هذا الإطلاق ليس بمرض بل شرطه وجدانهم السلاح وأهبة القتال قال فإن وجدوا ذلك فلا سبيل إلى التحلل والوجه الثاني وهو الصحيح وبه قطع المصنف وسائر العراقيون وآخرون من غيرهم ونقله الرافعي عن أكثر الأصحاب أنه لا يجب القتال سواء كان عدد الكفار مثلي المسلمين أو أقل لكن إن كان بالمسلمين قوة فالأفضل أن لا يتحللوا بل يقاتلوهم ليجمعوا بين الجهاد ونصرة الإسلام والحج وإلا فالأفضل التحلل لما ذكره المصنف قال أصحابنا وحيث قاتلوا المسلمين أو الكفار فلهم لبس الدروع والمغافر وعليهم الفدية كمن لبس لحر أو برد وهذا الذي ذكرناه من جواز التحلل بلا خلاف هو فيما إذا منعوا المضي دون الرجوع فأما إذا أحاط بهم العدو من الجوانب كلها فوجهان مشهوران حكاهما البندنيجي والماوردي وإمام الحرمين والبغوي والمتولي وغيرهم وقيل هما