فلا يتبعض حكمه هذا هو المذهب وبه قطع جمهور العراقيين وجماعات من الخراسانيين وحكى الماوردي في الحاوي والدارمي والقفال والقاضي حسين والفوراني والبغوي والمتولي والروياني وآخرون من الخراسانيين في العمرة قولين أصحهما وجوب قضائها لما ذكرناه والثاني لا يستحب بل إذا تحلل بالطواف والسعي والحلق حصلت العمرة لأنها لا تفوت بخلاف الحج قال القاضي حسين هذان القولان مبنيان على أن النسك الواحد هل يتبعض حكمه إذا جمع بينهما بأن استأجر من يحج ويعتمر وكان المستأجر قد أدى عن نفسه أحد النسكين فأحرم الأجير بهما وفرغ منهما وفيه قولان أحدهما لا يتبعض فيكونان عن المستأجر فعلى هذا تفوته العمرة بفوات الحج والثاني يتبعض فيقع أحدهما عنه فعلى هذا لا تفوت العمرة وقال المتولي أصل القولين أن العمرة هل يسقط اعتبارها في القران أم يقع العمل عنهما جميعا وفيه خلاف سبق بيانه فإن قلنا يسقط اعتبارها فاتت بفوات الحج وإن قلنا لا يسقط اعتبارها بل تقع الأعمال عنهما حسبت عمرته والله أعلم قال أصحابنا وعليه القضاء قارنا ويلزمه ثلاثة دماء دم للفوات ودم للقران الفائت ودم ثالث للقران الذي أتى به في القضاء فإن قضاهما مفردا أجزأه عن النسكين ولا يسقط عنه الدم الثالث الواجب بسبب الفوات في القضاء لأنه توجه عليه القران ودمه فإذا تبرع بالإفراد لا يسقط الدم الواجب وقد قال الشافعي رحمه الله فإن قضاه مفردا لم يكن له قال الشيخ أبو حامد والأصحاب مراده أنه لا يسقط الدم الثالث لأنه بالفوات لزمه القضاء قارنا مع دم فإذا قضى الحج والعمر مفردا أجزأه لأنه أكمل من القران ولا يسقط الدم لما ذكرناه قال الروياني قال ابن المرزبان وقد نص الشافعي على هذا في الإملاء وشذ الدارمي فحكى وجها غريبا أنه إذا قضاه مفردا سقط الدم الثالث وهذا ضعيف جدا والصواب ما سبق قال الروياني ولو قضاه مفردا فأتى بالعمرة بعد الحج قال الشافعي في الإملاء يحرم بالعمرة من الميقات لأنه كان أحرم بها من الميقات في سنة الفوات قال فإن أحرم بها من أدنى الحل لم يلزمه أكثر من الدماء الثلاثة لأنه وإن ترك الإحرام من الميقات فالدم الواجب بسبب الميقات ودم القران بسبب الميقات فتداخلا قال وإن قضاه متمتعا أجزأه إلا أنه يحرم بالحج من الميقات فإن أحرم به من جوف مكة وجب دم التمتع ودخل فيه دم القران لأنه بمعناه فالحاصل أنه يلزمه ثلاثة دماء سواء قضى مفردا أو متمتعا أو قارنا والله أعلم