عذر فإن كان عذر كخوف الطريق أو انقطاع عن رفقته أو ضيق الوقت أو مرض شاق أحرم من موضعه ومضي وعليه دم إذا لم يعد فقد أثم بالمجاوزة ولا يأثم بترك الرجوع فإن عاد فله حالان أحدهما يعود قبل الإحرام فيحرم منه فالمذهب الذي قطع به المصنف والجماهير لا دم عليه سواء كان دخل مكة أم لا وقال إمام الحرمين والغزالي إن عاد قبل أن يبعد عن الميقات بمسافة القصر سقط الدم وإن عاد بعد دخول مكة وجب ولم يسقط بالعود وإن عاد بعد مسافة القصر وقبل دخول مكة فوجهان أصحهما يسقط وهذا التفصيل شاذ منكر الحال الثاني أن يحرم بعد مجاوزة الميقات محرما فطريقان أحدهما في سقوط الدم وجهان وفي قولان حكاهما الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب في تعليقه وصاحب الشامل وآخرون قال القاضي أبو الطيب هما قولان وكان الشيخ أبو حامد يقول وجهان قال والصحيح قولان وسواء عند هؤلاء رجع من مسافة قريبة أو بعيدة لكنهم شرطوا رجوعه قبل تلبسه بنسك والطريق الثاني وهو الصحيح وبه قطع المصنف والجمهور أنه يفصل فإن عاد قبل التلبس بنسك سقط الدم وإن عاد بعده لم يسقط سواء كان النسك ركنا كالوقوف والسعي أو سنة كطواف القدوم وفيه وجه ضعيف أنه لا أثر للتلبس بالسنة فيسقط بالعود بعد حكاه البغوي والمتولي وآخرون كما لو كان محرما بالعمرة مما دون الميقات وعاد إليه بعد طوافها فإنه لا يسقط الدم بالعود بلا خلاف والمذهب الأول ويخالف المعتمر فإنه عاد بعد فعله معظم أفعال النسك والحاج لم يأت بشيء من أعمال النسك الواجبة فسقط عنه الدم واعلم أن جمهور الأصحاب لم يتعرضوا لزوال الإساءة بالعود وقد قال صاحب البيان وهل يكون مسيئا بالمجاوزة إذا عاد إلى الميقات حيث سقط الدم فيه وجهان حكاهما في الفروع الظاهر أنه لا يكون مسيئا لأنه حصل فيه محرما والثاني يصير مسيئا لأن الإساءة حصلت بنفس المجاوزة فلا يسقط قال أصحابنا ولا فرق في لزوم الدم في كل هذا بين المجاوز للميقات عامدا عالما أو جاهلا أو ناسيا لكن يفترقون في الإثم فلا إثم على الناسي والجاهل قال القاضي أبو الطيب و المتولي وغيرهما ويخالف ما لو تطيب ناسيا لا دم عليه لأن الطيب من المحظورات والنسيان عذر عندنا في المحرمات كالأكل والصوم والكلام في الصلاة وأما الإحرام من الميقات فمأمور به والجهل والنسيان في المأمور به لا يجعل عذرا والله أعلم وأما إدا مر بالميقات وأحرم بأحد النسكين ثم بعد مجاوزته أدخل النسك الآخر عليه بأن أدخل الحج على العمرة أو عكسه وجوزناه ففي وجوبه عليه وجهان حكاهما المتولي والبغوي وآخرون