أحدهما يلزمه لأنه جاوز الميقات مريدا للنسك وأحرم بعده والثاني لا يلزمه لأنه جاوز الميقات محرما فصار كما لو أحرم بالميقات إحراما مبهما فلما جاوز صرفه إلى الحج والله أعلم فرع في مذاهب العلماء في هذه المسألة قد ذكرنا أن مذهبنا أنه إذا جاوز الميقات مريدا للنسك فأحرم دونه أثم فإن عاد قبل التلبس سقط عنه الدم سواء عاد ملبيا أم غير ملب هذا مذهبنا وبه قال الثوري وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور وقال مالك وابن المبارك وزفر وأحمد لا يسقط عنه الدم بالعود وقال أبو حنيفة إن عاد ملبيا سقط الدم وإلا فلا وحكى ابن المنذر عن الحسن والنخعي أنه لا دم على المجاوز مطلقا قال وهو أحد قولي عطاء وقال ابن الزبير يقضي حجته ثم يعود إلى الميقات فيحرم بعمرة وحكي ابن المنذر وغيره عن سعيد بن جبير أنه لا حج له والله أعلم فرع قال صاحب البيان سمعت الشريف العثماني من أصحابنا يقول إذا جاوز المدني ذا الحليفة غير محرم وهو مريد للنسك فبلغ مكة غير محرم ثم خرج منها إلى ميقات بلد آخر مكذا عرق أو يلملم وأحرم منه فلا دم عليه بسبب مجاوزة ذي الحليفة لأنه لا حكم لإرادته النسك لما بلغ مكة غير محرم فصار كمن دخل مكة غير محرم وقلنا يجب الإحرام لدخولها لا دم عليه هذا نقل صاحب البيان وهو محتمل وفيه نظر قال المصنف رحمه الله تعالى وإن نذر الإحرام من موضع فوق الميقات لزمه الإحرام منه فإن جاوزه وأحرم دونه كان كمن جاوز الميقات وأحرم دونه في وجوب العود والدم لأنه وجب الإحرام منه كما وجب الإحرام من الميقات فكان حكمه حكم الميقات وإن مر كافر بالميقات مريدا للحج فأسلم دونه وأحرم ولم يعد إلى الميقات لزمه الدم وقال المزني لا يلزمه لأنه مر بالميقات وليس هو من أهل النسك فأشبه إذا مر به غير مريد للنسك ثم أسلم دونه وأحرم وهذا لا يصح لأنه ترك الإحرام من الميقات وهو مريد للنسك فلزمه الدم كالمسلم وإن مر بالميقات صبي وهو محرم أو عبد وهو محرم فبلغ الصبي أو عتق العبد ففيه قولان أحدهما أنه يجب عليه دم لأنه ترك الإحرام بحجة الإسلام من الميقات والثاني لا يلزمه لأنه جاوز الميقات وهو محرم فلم يلزمه دم كالحر البالغ