الحديبية بعد التنعيم بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بها وأراد المدخل لعمرته منها وهذا صحيح معروف في الصحيحين وغيرهما وكذلك استدل محققوا الأصحاب وهذا الاستدلال هو الصواب وأما قول الغزالي في البسيط وقول غيره إنه صلى الله عليه وسلم هم بالإحرام بالعمرة من الحديبية فغلط صريح بل ثبت في صحيح البخاري في كتاب المغازي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم بالعمرة عام الحديبية من ذي الحليفة والله أعلم فإن قيل قال الشافعي والأصحاب إن الإحرام بالعمرة من الجعرانة أفضل من التنعيم فكيف أعمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة من التنعيم فالجواب أنه صلى الله عليه وسلم إنما أعمرها منه لضيق الوقت عن الخروج إلى أبعد منه وقد كان خروجها إلى التنعيم عند رحيل الحاج وانصرافهم وواعدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى موضع في الطريق هكذا ثبت في الصحيحين ويحتمل أيضا بيان الجواز من أدنى الحل والله أعلم فرع يستحب لمن أراد الإحرام بالحج من مكة أن يحرم يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة ولا يقدم الإحرام قبله إلا أن يكون متمتعا لم يجد الهدي فيحرم قبل اليوم السادس من ذي الحجة حتى يمكنه صوم ثلاثة أيام في الحج وقد سبقت المسألة مبسوطة في أواخر الباب السابق في أحكام التمتع في فرع مستقل وذكرنا فيه مذاهب العلماء ودليل المسألة قال المصنف رحمه الله تعالى ومن بلغ الميقات مريدا للنسك لم يجز أن يجاوزه حتى يحرم لما ذكرناه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما فإن جاوزه وأحرم دونه نظرت فإن كان له عذر بأن يخشى أن يفوته الحج أو الطريق مخوف لم يعد وعليه دم وإن لم يخش شيئا لزمه أن يعود لأنه نسك واجب مقدور عليه فلزمه الإتيان به فإن لم يرجع لزمه الدم وإن رجع نظرت فإن كان قبل أن يتلبس بنسك سقط عنه الدم لأنه قطع المسافة بالإحرام وزاد عليه فلم يلزمه دم وإن عاد بعدما وقف أو بعدما طاف لم يسقط عنه الدم لأنه عاد بعد فوات الوقت فلم يسقط عنه الدم كما لو دفع من الموقف قبل الغروب ثم عاد في غير وقته الشرح قال الشافعي والأصحاب إذا انتهى الآفاقي إلى الميقات وهو يريد الحج أو العمرة أو القران حرم عليه مجاوزته غير محرم بالإجماع فإن جاوزه فهو مسيء سواء كان من أهل تلك الناحية أم من غيره كالشامي يمر بميقات المدينة قال أصحابنا ومتى جاوز موضعا يجب الإحرام منه غير محرم أثم وعليه العود إليه والإحرام منه إن لم يكن له