الوجوب والثاني المنع لضعفها عن احتمال الأهوال ولكونها عورة معرضة للانكشاف وغيره لضيق المكان قال أصحابنا فإن لم نوجبه عليها لم يستحب على المذهب وقيل في استحبابه لها حينئذ الوجهان السابقان في الرجل وحكي البندنيجى قولين هذا كله حكم البحر أما الأنهار العظيمة كدجلة وسيحون وجيحون وغيرها فيجب ركوبها قولا واحدا عند الجمهور لأن المقام فيها لا يطول ولا يعظم الخطر فيها وبهذا قطع المتولي والبغوي وحكي الرافعي فيه وجها شاذا ضعيفا أنه كالبحر والله أعلم فرع إذا حكمنا بتحريم ركوب البحر للحج عند غلبة الهلاك كما سبق فيحرم ركوبه للتجارة ونحوها من الأسفار المباحة وكذا المندوبة أولى وهل يحرم ركوبه في الذهاب إلى العدو فيه وجهان حكاهما إمام الحرمين هنا أحدهما يحرم لأن الخطر المحتمل في الجهاد هو الحاصل بسبب القتل وليس هذا منه و الثاني لا يحرم لأن مقصود العدو يناسبه فإذا كان المقصود وهو الجهاد مبنيا على العدو لم ينفذ احتمال العدو في السبب والله أعلم فرع إذا كان البحر مغرقا أو كان قد اغتلم وماج حرم ركوبه لكل سفر لقول الله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ولقوله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم هكذا صرح به إمام الحرمين والأصحاب فرع مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد أنه يجب الحج في البحر إن غلبت فيه السلامة وإلا فلا وهذا هو الصحيح عندنا كما سبق ومما جاء في هذه المسألة من الأحاديث حديث ابن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يركبن أحد بحرا إلا غازيا أو معتمرا أو حاجا وإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا رواه أبو داود والبيهقي وآخرون قال البيهقي وغيره قال البخاري هذا الحديث ليس بصحيح ورواه البيهقي من طرق عن ابن عمرو موقوفا والله أعلم