وجهين أحدهما المراد رفع الإثم لا إبطال أفعاله الثاني أن معناه لا يكتب عليه شيء وليس فيه منع الكتابة له وحصول ثوابه والجواب عن قياسهم على النذر من وجهين ذكرهما القاضي أبو الطيب والأصحاب أحدهما أنه ينكسر بالوضوء والصلاة فإنه لا يصح منه نذرهما ويصحان منه وقد سبق أن الكسر هو أن توجد معنى العلة ولا حكم والنقض أن توجد العلة ولا حكم وقد أوضحت هذا في باب صدقة المواشي حيث ذكره المصنف والثاني أن النذر التزام بالقول وقول الصبي ساقط بخلاف الحج فإنه فعل ونية فهو كالوضوء وأما قولهم لا يجب عليه ولا يصح منه فجوابه من وجهين أحدهما أنه منتقض بالوضوء والثاني أن عدم الوجوب للتخفيف وليس في صحته تغليظ وأما قولهم لوجب قضاؤه إذا أفسده فنحن نقول به وهو الصحيح عندنا كما سبق بيانه والجواب عن قولهم عبادة بدنية إلى آخره أن الفرق ظاهر فإن الحج تدخله النيابة بخلاف الصلاة والله أعلم قال إمام الحرمين في كتابه الأساليب المعول عليه عندنا في مسألة الأخبار الصحيحة التي لا تقبل التأويل وذكر بعض ما سبق من الأحاديث ثم ذكر دلائل من حيث القياس والمعنى ثم قال وهذا تكلف بعد الأخبار الصحيحة قال ولا يستقيم لهم فرق أصلا بين الصلاة والحج فإن قالوا في الحج مؤنة قلنا تلك المؤن في مال الولي على الصحيح فلا ضرر على الصبي فإن قالوا فيه مشقة قلنا مشقة المواظبة على الصلاة والطهارة وشروطهما أكثر والله أعلم وقال ابن عبد البر في التمهيد صحح حج الصبي مالك والشافعي وسائر فقهاء الحجاز والثوري وسائر فقهاء الكوفة والأوزاعي والليث وسائر من سلك سبيلهما من أهل الشام ومصر قال وكل من ذكرناه يستحب الحج بالصبيان ويأمر به قال وعلى هذا جمهور العلماء من كل قرن قال وقالت طائفة لا يحج بالصبي وهذا قول لا يعرج عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم حج بأغيلمة بني عبد المطلب وحج السلف بصبيانهم قال وحديث المرأة التي رفعت الصبي وقالت ألهذا حج قال نعم ولك أجر قال فسقط كل ما خالف هذا والله أعلم وقال القاضي عياض أجمعوا على أن الصبي إذا حج ثم بلغ لا يجزئه عن حجة الإسلام إلا فرقة شذت لا يلتفت إليها قال وأجمعوا على إنه يحج به إلا طائفة من أهل البدع منعوا ذلك وهو مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإجماع الأمة والله أعلم