وآخرون فإن أراد تأخير الجمعة إلى وقت العصر جاز أن جوزنا تأخير الظهر إلى العصر فيخطب في وقت العصر ثم يصلي الجمعة ثم العصر ولا يشترط وجود المطر وقت العصر كما سبق واستدلوا بأن كل وقت جاز فيه فعل الظهر أداء جاز فعل الجمعة وخطبتيها فرع المشهور في المذهب والمعروف من نصوص الشافعي وطرق الأصحاب أنه لا يجوز الجمع بالمرض والريح والظلمة ولا الخوف ولا الوحل وقال المتولي قال القاضي حسين يجوز الجمع بعذر الخوف والمرض كجمع المسافر يجوز تقديما وتأخيرا والأولى أن يفعل أرفقهما به واستدل له المتولي وقواه وقال الرافعي قال مالك وأحمد يجوز الجمع بعذر المرض والوحل وبه قال بعض أصحابنا منهم أبو سليمان الخطابي والقاضي حسين واستحسنه الروياني في الحلية قلت وهذا الوجه قوي جدا ويستدل له بحديث ابن عباس قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة من غير خوف ولا مطر رواه مسلم كما سبق بيانه ووجه الدلالة منه أن هذا الجمع إما أن يكون بالمرض وإما بغيره مما في معناه أو دونه ولأن حاجة المريض والخائف آكد من الممطور وقال ابن المنذر منم أصحابنا يجوز الجمع في الحضر من غير خوف ولا مطر ولا مرض وحكاه الخطابي في معالم السنن عن القفال الكبير الشاشي عن أبي إسحاق المروزي قال الخطابي وهو قول جماعة من أصحاب الحديث لظاهر حديث ابن عباس واستدل الأصحاب للمشهور في المذهب بأشياء منها حديث المواقيت ولا يجوز مخالفته إلا بصريح ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم مرض أمراضا كثيرة ولم ينقل جمعه بالمرض صريحا ومنها أن من كان ضعيفا ومنزله بعيدا عن المسجد بعدا كثيرا لا يجوز له الجمع مع المشقة الظاهرة وكذا المريض فإن قيل لم ألحقتم الوحل بالمطر في أعذار الجمعة والجماعة دون الجمع فالجواب من وجهين أحدهما جواب القاضي أبي الطيب وهو أن تارك الجمعة يصلي بدلها الظهر وتارك الجماعة يصلي منفردا فيأتي ببدل والذي يجمع يترك الوقت بلا بدل والثاني أن باب الأعذار في ترك الجمعة والجماعة ليس مخصوصا بل كل ما لحق به مشقة شديدة فهو عذر والوحل من هذا وباب الجمع مضبوط بما جاءت به السنة فلا يجوز بكل شاق ولهذا لم يجوزوه لمن هو قيم بمريض وشبهه ولم تأت السنة بالوحل فرع في مذاهب العلماء في الجمع بالمطر قد ذكرنا أن مذهبنا جوازه بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء وبه قال أبو ثور وجماعة وقال أبو حنيفة و المزني وآخرون