أصحابنا بأحاديث لا دلالة فيها فتركتها لأني التزمت في خطبة الكتاب الأعراض عن الدلائل الواهية واحتجوا بأن الحياة أقوى من الدباغ بدليل أنها سبب لطهارة الجملة والدباغ إنما يطهر الجلد فإذا كانت الحياة لا تطهر الكلب والخنزير فالدباغ أولى ولأن النجاسة إنما تزول بالمعالجة إذا كانت طارئة كثوب تنجس أما إذا كانت لازمة للعين فلا كالعذرة والروث فكذا الكلب وأما احتجاجهم بالأحاديث فأجاب الأصحاب بأنها عامة مخصوصة بغير الكلب والخنزير لما ذكرناه وجواب آخر لأبي حنيفة أنا اتفقنا نحن وأنتم على إخراج الخنزير من العموم والكلب في معناه وأما قياسهم على الحمار فالفرق أنه طاهر في الحياة فرده الدباغ إلى أصله والله أعلم وأما مالك ومن وافقه فاحتجوا في طهارة ظاهرة دون باطنه بأن الدباغ إنما يؤثر في الظاهر واحتج أصحابنا بعموم الأحاديث الصحيحة السابقة كحديث إذا دبغ الأهاب فقد طهر وغيره فهي عامة في طهارة الظاهر والباطن وبحديث سودة المتقدم قالت ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها وهو جلدها فما زلنا ننبذ فيه حتى صار شنا حديث صحيح كما سبق وهو صريح في المسألة فإنه استعمل في مائع وهم لا يجيزونه وإن كانوا يجيزون شرب الماء منه لأن الماء لا ينجس عندهم إلا بالتغير قال أصحابنا ولأن ما طهر ظاهره طهر باطنه كالذكاة وأما الجواب عن قولهم إنما يؤثر الدباغ في الظاهر فمن وجهين أحدهما لا نسلم بل يؤثر في الباطن أيضا بانتزاع الفضلات وتنشيف رطوباته المعفنة كتأثيره في الظاهر والثاني إن ما ذكروه مخالف للنصوص الصحيحة الصريحة فلا يلتفت إليه والله أعلم وأما الزهري فاحتج برواية جاءت في حديث ابن عباس هلا أخذتم إهابها فانتفعتم به ولم يذكر الدباغ واحتج أصحابنا بالأحاديث الصحيحة السابقة وأما هذه الرواية فمطلقة محمولة على الروايات الصحيحات المشهورات والله أعلم وذكر إمام الحرمين في النهاية مذاهب السلف بنحو ما سبق ثم قال ولا يستند على هذا السبر غير مذهب الشافعي فإن من قال يؤثر الدباغ في المأكول خاصة تعلقوا بخصوص السبب في شاة ميمونة وليس