فالجواب أن هذا خلاف لغة العرب قال الإمام أبو منصور الأزهري جعلت العرب جلد الإنسان إهابا وأنشد فيه قول عنترة فشككت بالرمح الأصم أهابه أراد رجلا لقبه في الحرب فانتظم جلده بسنان رمحه وأنشد الخطابي وغيره فيه أبياتا كثيرة منها قول ذي الرمة لا يدخران من الأيغام باقية حتى تكاد تفرى عنهما الأهب وعن عائشة في وصفها أبيها رضي الله عنهما قالت وحقن الدماء في أهبها تريد دماء الناس وهذا مشهور لا حاجة إلى الإطالة فيه ولأنه جلد حيوان طاهر فأشبه المأكول وأما الجواب عن حديثهم الأول فمن وجهين أحسنهما وأصحهما ولم يذكر البيهقي وآخرون غيره أن النهي عن افتراش جلود السباع إنما كان لكونها لا يزال عنها الشعر في العادة لأنها إنما تقصد للشعر كجلود الفهد والنمر فإذا دبغت بقي الشعر نجسا فإنه لا يطهر بالدبغ على المذهب الصحيح فلهذا نهى عنها الثاني أن النهي محمول على ما قبل الدبغ كذا أجاب بعض أصحابنا وهو ضعيف إذا لا معنى لتخصيص السباع حينئذ بل كل الجلود في ذلك سواء وقد يجاب عن هذا الاعتراض بأنها خصت بالذكر لأنها كانت تستعمل قبل الدبغ غالبا أو كثيرا والجواب عن حديث سلمة أن المراد أن دباغ الأديم مطهر له ومبيح لاستعماله كالذكاة وأما قياسهم على الكلب فجوابه أنه نجس في حياته فلا يزيد الدباغ على الحياة والله أعلم وأما أبو حنيفة في قوله يطهر بالدبغ جلد الكلب وداود في قوله والخنزير فاحتج لهما بعموم الأحاديث السابقة وبالقياس على الحمار وغيره واحتج