ذلك بصحيح فإن اللفظ عام مستقل بالإفادة وأبو حنيفة لم يطرد مذهبه في الخنزير عملا بالعموم ولا يظهر فرق بين الكلب والخنزير وأما الشافعي فإنه نظر إلى ما أمر به الشرع من استعمال الأشياء الجائزة كالقرظ وغاص في فهم المعنى وهو أن سبب نجاسة الجلود بالموت أنها بانقطاع الحياة عنها تتعرض للبلى والعفن والنتن فإذا دبغت لم تتعرض للتغير وقد بطل حمل اللفظ على خصوص السبب وامتنع التعميم لما ذكرنا في جلد الخنزير وأرشد الدباغ إلى معنى يضاهي به المدبوغ الحيوان في حال الحياة فإن الحياة دافعة للعفن والموت جالب له والدباغ يرده إلى مضاهاة الحياة في السلامة من التغير فانتظم بذلك اعتبار المدبوغ بالحي فقال كل ما كان في الحياة طاهرا عاد جلده بالدبغ طاهرا وما كان نجسا لا يطهر ثم ثبت عنده نجاسة لعابه والله أعلم قال المصنف رحمه الله تعالى ويجوز الدباغ بكل ما ينشف الجلد ويطيبه ويمنع من ورود الفساد عليه كالشث والقرظ وغير ذلك مما يعمل عمله لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال أليس في الماء والقرظ ما يطهره فنص على القرظ لأنه يصلح الجلد ويطيبه فوجب أن يجوز بكل ما عمل عمله الشرح هذا الحديث حديث حسن رواه الإمامان الحافظان أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني وأبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي في سننهما من رواية ابن عباس رضي الله عنهما قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة فقال هلا انتفعتم بإهابهما قالوا يا رسول الله إنها ميتة قال إنما حرم أكلها أو ليس في الماء والقرظ ما يطهرها ورواه أبو داود والنسائي في سننهما بمعناه عن ميمونة رضي الله عنها قالت مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجال يجرون شاة لهم مثل الحمار فقال صلى الله عليه وسلم لو أخذتم إهابها قالوا إنها ميتة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطهرها الماء والقرظ هكذا جاءت روايات الحديث يطهرها بالتأنيث ووقع في المهذب يطهره وهو