أسلمت وجهان سنوضحهما إن شاء الله تعالى في باب نية الوضوء أصحهما يجب فإن قلنا لا يجب فقد أدت به عبادة وارتفع حدثها فيصير مستعملا وإن قلنا يجب ففي صيرورته مستعملا وجهان أصحهما يصير وهما مبنيان على الوجهين السابقين في أن المقتضى لكون الماء مستعملا هل هو تأدى العبادة به أم أداء الفرض وانتقال المنع فمن قال بالأول لم يجعل هذا مستعملا ومن قال بالثاني جعله هكذا ذكر المسألة إمام الحرمين وتابعه الغزالي ثم الرافعي وآخرون وأما الفوراني وتابعاه صاحبا التتمة والعدة فقالوا هل يصير مستعملا وجهان إن قلنا لا تجب الإعادة صار وإلا فلا والمختار ما ذكره الإمام العاشرة إذا كان على بعض أعضاء المتوضىء أو المغتسل نجاسة حكمية فغسله مرة بنية رفع الحدث أو رفع الحدث والنجس معا طهر عن النجاسة بلا خلاف وهل يطهر عن الحدث وجهان الأصح يطهر وستأتي المسألة مبسوطة في آخر باب نية الوضوء إن شاء الله تعالى والله أعلم الحادية عشرة يجوز الوضوء في النهر والقناة الجارية ولا كراهة في ذلك عندنا وعند الجمهور وحكى الخطابي عن بعض الناس أنه كره الوضوء في مشارع المياه الجارية وكان يستحب أن يؤخذ له الماء في ركوة ونحوها ويزعم أنه من السنة لأنه لم يبلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ في نهر أو شرع في ماء جار ودليلنا أنه ماء طهور ولم يثبت فيه نهي فلم يكره وأما قوله لم يتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم في نهر فسببه أنه لم يكن بحضرته نهر ولو كان لم تثبت كراهته حتى يثبت النهي والله أعلم