وحكى ابن المنذر فيهما الإجماع ولأنهما من أعظم الجوارح نفعا فكانتا أولى بإيجاب الدية وفي كل عين نصفها ولو عين أحول وهو من في عينيه خلل دون بصره وعين أعمش وهو من يسيل دمعه غالبا مع ضعف رؤيته وعين أعور وهو ذاهب حس إحدى العينين مع بقاء بصره في الأخرى وعين أخفش وهو صغير العين المبصرة وعين أعشى وهو من لا يبصر ليلا وعين أجهر وهو من لا يبصر في الشمس لأن المنفعة باقية بأعين من ذكر ومقدار المنفعة لا ينظر إليه ( قوله والشفتان ) أي ومثلهما أيضا الشفتان ففي قطعهما معا دية كاملة وفي كل شفة نصفها عليا كانت أو سفلى رقيقة أو غليظة صغيرة أو كبيرة وإشلالهما كقطعهما وفي شقهما بلا إبانة حكومة ولو قطع شفة مشقوقة وجبت ديتها إلا حكومة الشق ( قوله والكفان بأصبعهما ) أي ومثلهما أيضا الكفان مع أصبعهما وأصبع مفرد مضاف فيعم جميع الأصابع ففي قطعهما مع الأصابع دية واحدة فقط لأنهما كالعضو الواحد بدليل قطعهما في السرقة بدليل قوله تعالى ! < فاقطعوا أيديهما > ! وفي قطع إحداهما النصف ومحل ما ذكر إن قطعت من مفصل الكف وهو الكوع فإن قطعت من فوق الكف وجب مع دية الكف حكومة كما مر وخرج بقوله مع أصبعهما ما إذا لم تقطعا معها بأن قطعت الأصابع أولى ثم بعد مدة قطعت الكف فلكل حكمه ففي كل أصبع عشر الدية وفي الكف حكومة ( قوله والقدمان بإصبعهما ) أي ومثلهما أيضا القدمان مع إصبعهما أي أصابعهما ففي قطعهما معها دية واحدة فقط وخرج بقوله مع أصبعهما ما إذا لم تقطعا مع الأصابع بأن قطعت الأصابع أولا ثم بعد مدة قطعت القدمان فلكل حكمه كما مر ( قوله وفي كل أصبع ) أي أصلية أما الزائدة ففيها حكومة وفي كل أنملة من أصابع اليدين أو الرجلين من غير إبهام ثلث العشر لأن كل أصبع له ثلاث أنامل إلا الإبهام فله أنملتان ففي أنملته نصفها عملا بقسط واجب الأصبع ( قوله وفي كل سن ) أي أصلية تامة مثغورة غير مقلقلة صغيرة كانت أو كبيرة بيضاء أو سوداء .
وخرج بقيد الأصلية الزائدة وهي الخارجة عن سمت الأسنان الأصلية لمخالفة نباتها لها ففيها حكومة كالأصبع الزائدة وبقيد التامة ما لو كسر بعض الظاهر منها ففيه قسطه من الأرش وبقيد المثغورة ما لو قلع سن صغير أو كبير لم يثغر فينظر فيه فإن بان فساد المنبت فكالمثغورة وإن لم يتبين الحال حتى مات ففيها الحكومة وبقيد غير المقلقلة المقلقلة أي المتحركة فإن بطلت منفعتها ففيها الحكومة وقوله خمس أي من الإبل وهي نصف العشر .
قال في المنهج وشرحه ولو قلعت الأسنان كلها وهي اثنان وثلاثون فبحسابه وإن زادت على دية ففيها مائة وستون بعيرا وإن اتحد الجاني لظاهر خبر عمرو ولو زادت على ثنتين وثلاثين فهل يجب لما زاد حكومة أو لكل سن منه أرش وجهان بلا ترجيح للشيخين وصحح صاحب الأنوار الأول والقمولي والبلقيني الثاني وهو الأوجه اه .
تتمة تجب دية كاملة في ذهاب واحد من المعاني كالسمع والبصر والكلام والذوق والمضغ وغيرها مما تقدم أول الباب وتجب أيضا في المارن وهو ما لان من الأنف مشتملا على طرفين وحاجز وفي كل من الثلاثة ثلث الدية وفي اللحيين وهما العظمان تنبت عليهما الأسنان السفلى فإن زال معهما شيء من الأسنان وجبت ديته أيضا لأن كلا منهما له منفعة مستقلة وفي الجفون الأربعة ولو كانت لأعمى لأن فيها جمالا ومنفعة وتدخل حكومة الأهداب في ديتها ولو أزال الأهداب فقط وجبت فيها حكومة كسائر الشعر إن فسد منبتها لأن الفائت بقطعها الزينة والجمال دون المقاصد الأصلية وإن لم يفسد منبتها وجبت التعزير فقط ويجب ثلث الدية في مأمومة وهي الجراحة التي تبلغ خريطة الدماغ ولا تخرقها وفي جائفة وهي جراحة تنفذ إلى جوف باطن محيل للغذاء أو الدواء كبطن أو طريق له كصدر وفي ثلث لسان وثلث كلام وما مر من أحد طرفي الأنف أو الحاجز ويجب ربعها في جفن واحد من جفون العين وفي ربع شيء مما مر كربع الأذن واللسان فتحصل أن الواجب في دية غير النفس من الطرف والجرح والمعنى قد يكون دية كاملة وقد يكون نصفها وقد يكون ثلثها وقد يكون ربعها وقد يكون