لا تكون الأمن المتقين بعد التكلف فيحتاج إلى إثبات الخيار لهما إذا أدركا فأما الأم إذا زوجت الصغير والصغيرة جاز عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي إثبات الخيار لهما إذا أدركا عنه روايتان في إحدى الروايتين لا يثبت لأن شفقتها وافرة كشفقة الأب أو أكثر والأصح أنه يثبت الخيار لأن بها قصور الرأي مع وفور الشفقة ولهذا لا تثبت ولايتها في المال وتمام النظر بوفور الرأي والشفقة فلتمكن النقصان في رأيها أثبتنا لهما الخيار إذا أدركا فإن اختارا الفرقة عند الإدراك لم تقع الفرقة إلا بحكم الحاكم لأن السبب مختلف فيه من العلماء من رأي ومنهم من أبي وهو غير متيقن به أيضا فإن السبب قصور الشفقة ولا يوقف على حقيقته فكان ضعيفا في نفسه فلهذا توقف على قضاء القاضي وهذا بخلاف خيار الطلاق فإن المخيرة إذا اختارت نفسها وقعت الفرقة من غير قضاء القاضي لأن السبب هناك قوي في نفسه وهو كونها نائبة عن الزوج في إيقاع الطلاق أو مالكة أمر نفسها بتمليك الزوج وهذا بخلاف خيار العتق فإن المعتقة إذا اختارت نفسها وقعت الفرقة من غير قضاء القاضي لأن السبب هناك قوي وهو زيادة ملك الزوج عليها فإن قبل العتق كان يملك مراجعتها من قرأين ويملك عليها تطليقتين وعدتها حيضتان وقد زاد ذلك بالعتق فكان لها أن تدفع الزيادة ولا تتوصل إلى دفع الزيادة إلا بدفع أصل الملك فكما أن دفع أصل الملك عند انعدام رضاها يتم بها فكذلك دفع زيادة الملك فأما هنا بالبلوغ لا يزداد الملك وإنما كان ثبوت الخيار لتوهم ترك النظر من الولي وذلك غير متيقن به فلهذا لا تتم الفرقة إلا بالقضاء فالحاصل أن الفرق بين خيار البلوغ وخيار العتق في أربعة فصول ( أحدها ) ما بينا .
( والثاني ) خيار المعتقة لا يبطل بالسكوت بل يمتد إلى آخر المجلس كخيار المخيرة وخيار البلوغ في جانبها يبطل بالسكوت لأن المعتقة إنما يثبت لها الخيار بتخيير الشرع حيث قال ملكت بضعك فاختاري فيكون بمنزلة الثابت بتخيير الزوج فأما هنا الخيار يثبت للبكر لانعدام تمام الرضا منها ورضاء البكر يتم بسكوتها شرعا ألا ترى أنها لو زوجت بعد البلوغ فسكتت كان سكوتها رضا فكذلك إذا زوجت قبل البلوغ ولهذا قلنا لو بلغت ثيبا لا يبطل خيارها بالسكوت كما لو زوجت بعد البلوغ وكذلك الغلام لا يبطل خياره بالسكوت لأن السكوت في حقه لم يجعل رضا كما لو زوج بعد البلوغ .
( والثالث ) أن خيار العتق يثبت للأمة دون الغلام وخيار البلوغ يثبت لهما جميعا لأن ثبوت خيار العتق باعتبار زيادة الملك وذلك في عتق الأمة دون