الغلام وثبوت خيار البلوغ لنقصان شفقة الولي وذلك موجود في حق الغلام والجارية ولأن في تزويج الغلام المولى ينظر له لا لنفسه وفي تزويج الأمة ينظر لنفسه باكتساب المهر وإسقاط النفقة عن نفسه فلهذا اختلفا في حكم الخيار وهنا لا يختلف معنى نظر الولي بالغلام والجارية فلهذا يثبت الخيار في الموضعين جميعا ولا يقال بأن الغلام هنا يتمكن من التخلص بالطلاق كما في المعتق لأنه لا يتمكن من التخلص عن المهر بالطلاق ولم يكن متمكنا من التخلص عند العقد بخلاف العبد فإنه كان عند العقد متمكنا من التخلص بالطلاق ووجوب المهر يومئذ كان في مالية المولى وباعتباره ملك المولى إجباره على النكاح فلهذا فرقنا بينهما .
( والرابع ) أن المعتقة إذا علمت بالعتق ولم تعلم أن لها الخيار لا يسقط خيارها حتى تعلم به والتي بلغت إذا لم تعلم بالخيار وعلمت بالنكاح فسكتت سقط خيارها لأن سبب الخيار في العتق وهو زيادة الملك حكم لا يعلمه إلا الخواص من الناس فتعذر بالجهل وقد كانت مشغولة بخدمة المولى فعذرناها لذلك أما خيار البلوغ فظاهر يعرفه كل واحد ولظهوره ظن بعض الناس أنه يثبت في انكاح الأب أيضا فلهذا لا تعذر بالجهل ولأنها ما كانت مشغولة بشيء قبل البلوغ فكان سبيلها أن تتعلم ما تحتاج إليه بعد البلوغ فلهذا لا تعذر بالجهل .
( قال ) ( فإن اختار الصغير أو الصغيرة الفرقة بعد البلوغ فلم يفرق القاضي بينهما حتى مات أحدهما توارثا ) لأن أصل النكاح كان صحيحا والفرقة لا تقع إلا بقضاء القاضي فإذا مات أحدهما قبل القضاء كان انتهاء النكاح بينهما بالموت فيتوارثان بمنزلة ما لو وجد الإعتراض بعدم الكفاءة فمات أحدهما قبل قضاء القاضي وباعتبار هذا المعنى نقول يحل للزوج أن يطأها ما لم يفرق القاضي بينهما لأن أصل النكاح كان صحيحا بخلاف النكاح الفاسد فإن أصل الملك لم يكن ثابتا فلا يثبت حل الوطء والتوارث .
( قال ) ( وإذا مات زوج الصغيرة عنها بعد ما دخل بها أو طلقها وانقضت عدتها كان لأبيها أن يزوجها عندنا ) وقال الشافعي رحمه الله تعالى ليس للأب أن يزوج الثيب الصغيرة حتى تبلغ فيشاورها لقوله والثيب تشاور فقد علق هذا الحكم باسم مشتق من معنى وهو الثيوبة فكان ذلك المعنى هو المعتبر في إثبات هذا الحكم كالزنا والسرقة لإيجاب الحد وقد قال الأيم أحق بنفسها من وليها والمراد بالأيم الثيب ألا ترى أنه قابلها بالبكر فقال البكر تستأمر في نفسها والمعنى فيه أنها ثيب ترجى مشورتها إلى وقت معلوم فلا يزوجها وليها بدون رضاها