والمراد البالغين والدليل عليه أنه مده إلى غاية الاستئمار وإنما تستأمر البالغة دون الصغيرة وتأويل حديث قدامة رضي الله عنه أنها بلغت فخيرها رسول الله فاختارت نفسها ألا ترى أنه روي عن بن عمر رضي الله عنهما أنه قال والله لقد انتزعت مني بعد أن ملكتها فإذا ثبت جواز تزويج الأولياء الصغير والصغيرة فلهما الخيار إذا أدركا في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وهو قول بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما وبه كان يقول أبو يوسف رحمه الله تعالى ثم رجع وقال لا خيار لهما وهو قول عروة بن الزبير رضي الله عنهما قال لأن هذا عقد عقد بولاية مستحقة بالقرابة فلا يثبت فيه خيار البلوغ كعقد الأب والجد وهذا لأن القرابة سبب كامل لاستحقاق الولاية والقريب بالتصرف ينظر للمولى عليه لا لنفسه وهو قائم مقام الأب في التصرف في النفس كالوصي في التصرف في المال فكما أن عقد الوصي يلزم ويكون كعقد الأب فيما قام فعله مقامه فكذلك عقد الولي وجه قولهما إنه زوجها من هو قاصر الشفقة عليها فإذا ملكت أمر نفسها كان لها الخيار كالأمة إذا زوجها مولاها ثم أعتقها وهذا لأن أصل الشفقة موجود للولي ولكنه ناقص يظهر ذلك عند المقابلة بشفقة الآباء وقد ظهر تأثير هذا النقصان حكما حين امتنع ثبوت الولاية في المال للأولياء فلاعتبار وجود أصل الشفقة نفذنا العقد ولاعتبار نقصان الشفقة أثبتنا الخيار لأن ثبوت الولاية لكيلا يفوت الكفء الذي خطبها فيكون بمعنى النظر لها وإنما يتم النظر بإثبات الخيار حتى ينظر لنفسه بعد البلوغ بخلاف الأب فإنه وافر الشفقة تام الولاية فلا حاجة إلى إثبات الخيار في عقده وكذلك في عقد الجد لأنه بمنزلة الأب حتى تثبت ولايته في المال والنفس وأما القاضي إذا كان هو الذي زوج اليتيمة ففي ظاهر الرواية يثبت لها الخيار لأنه قال ولهما الخيار في نكاح غير الأب والجد إذا أدركا وروى خالد بن صبيح المروزي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لا يثبت الخيار وجه تلك الرواية أن للقاضي ولاية تامة تثبت في المال والنفس جميعا فتكون ولايته في القوة كولاية الأب ووجه ظاهر الرواية أن ولاية القاضي متأخرة عن ولاية العم والأخ فإذا ثبت الخيار في تزويج الأخ والعم ففي تزويج القاضي أولى وهذا لأن شفقة القاضي إنما تكون لحق الدين والشفقة لحق الدين