قالت كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يزور البيت وفي رواية كنت أرى وبيص المسك في مفارق رسول الله بعد إحرامه فتطيبوا وعن عائشة رضي الله عنها قالت كنا نخرج مع رسول الله متضمخا جباهنا بالمسك ثم نحرم فنعرق فيسيل على وجوهنا ورسول الله يرى ذلك ولا يكرهه وتأويل حديث الإعرابي أنه كره الخلوق له لكونه بمنزلة الثوب المورس والمزعفر ومعنى كراهة محمد رحمه الله تعالى لاستعمال الطيب الكثير أنه بعد الإحرام ربما ينتقل على بدنه من موضع إلى موضع فيكون ذلك بمنزلة التطيب ابتداء بعد الإحرام في الموضع الثاني ولكن هذا ليس بقوي فإنه لا تلزمه الكفارة بهذا ولو كان بهذه المنزلة لوجب عليه الكفارة واختلف مشايخنا رحمهم الله تعالى فيما إذا تطيب بعد إحرامه وكفر ثم تحول الطيب مع عرقه من موضع إلى موضع فمنهم من يقول لا تلزمه كفارة جديدة لأن أصل فعله قد انقطع بالتكفير فلا معتبر بأثره كما لو فعله قبل الإحرام ومنهم من قال تلزمه كفارة أخرى هنا لأن أصل فعله كان محظورا فتحوله من موضع إلى موضع يكون جناية أيضا في حكم الكفارة بخلاف ما قبل الإحرام فإن أصل فعله لم يكن محظورا ثم لا معتبر ببقاء الأثر بعد الإحرام إذا كان أصل فعله قبل الإحرام كالحلق ثم قال وصلى ركعتين لحديث عمر رضي الله عنه أن النبي قال أتاني آت من ربي وأنا بالعقيق فقال صل في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل لبيك بحجة وعمرة معا وفيما ذكر جابر رضي الله عنه إن النبي صلى بذي الحليفة ركعتين عند إحرامه ثم قال وقل اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني لأنه محتاج في أداء أركانه إلى تحمل المشقة ويبقي في ذلك أياما فيطلب التيسير من الله تعالى إذ لا يتيسر للعبد إلا ما يسره الله تعالى ويسأل القبول كما فعله الخليل وإسماعيل صلوات الله عليهما في قولهما ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ولم يأمر بمثل هذا الدعاء لمن يريد افتتاح الصلاة لأن أداءها يسير عادة ولا تطول في أدائها المدة فأما أركان الحج متفرقة على الأمكنة والأزمنة ولا يؤمن فيها اعتراض الموانع عادة فلهذا أمر بتقديم سؤال التيسير ( قال ) ( ثم لب في دبر صلواتك تلك فإن شئت بعد ما يستوي بك بعيرك ) والكلام فيه في فصول أحدها في اشتقاق التلبية لغة فقيل هو مشتق من قولهم ألب الرجل إذا أقام في مكان فمعنى قول القائل لبيك أنا مقيم على طاعتك وقيل هو مشتق من قولهم