27 ) وقيل إن أبا حنيفة رحمه الله تعالى خاطب أبا يوسف رحمه الله تعالى والواحد يشك في حاله أنه يحج أو لا يحج فقيد بالاستثناء وتفرس فيه أنه يحج فما أخطأت فراسته ( قال ) ( فاغتسل أو توضأ والغسل فيه أفضل ) هكذا روي أن النبي تجرد لإهلاله فاغتسل رواه خارجة بن زيد بن ثابت رضي الله عنه وهذا الاغتسال ليس بواجب لما روي أن أبا بكر رضى الله عنه قال لرسول الله إن أسماء قد نفست قال مرها فلتغتسل ولتحرم بالحج ومعلوم أن الاغتسال الواجب مع النفاس والحيض لا يتأدى فعرفنا أن هذا الاغتسال لمعنى النظافة وما كان لهذا المقصود فالوضوء يقوم مقامه كما في العيدين والجمعة ولكن الغسل أفضل لأن معنى النظافة فيه أكمل ثم ألبس ثوبين إزارا ورداء جديدين أو غسيلين هكذا ذكر جابر رضي الله عنه أن النبي ائتزر وارتدى عند إحرامه ولأن المحرم ممنوع من لبس المخيط ولا بد له من ستر العورة فتعين للستر الارتداء والائتزار والجديد والغسيل في هذا المقصود سواء غير أن الجديد أفضل لقوله لأبي ذر رضي الله عنه تزين لعبادة ربك ( قال ) ( وادهن بأي دهن شئت ) وهو الظاهر من المذهب عندنا .
أنه لا بأس بأن يتطيب ويدهن قبل إحرامه بما شاء وروي عن محمد رحمه الله تعالى قال كنت لا أرى بذلك بأسا حتى رأيت أقواما يحضرون طيبا كثيرا ويصنعون شيئا شنعا فكرهت ذلك وهو قول مالك رحمه الله تعالى وقد نقل عن عمر وعثمان رضي الله عنهما كراهة ذلك وحجة هذا القول حديث الأعرابي حيث جاء إلى رسول الله وعليه جبة متضمخة أي متلطخة بالخلوق فسأله عن العمرة فلم يجبه حتى نزل عليه الوحي فلما سرى عنه قال أين السائل عن العمرة فقال الأعرابي ها أنا ذا يا رسول الله فقال أما جبتك فانزعها وأما الخلوق فاغسله واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجتك فقد أمره بإزالة الطيب عن نفسه عند الإحرام ولنا حديث عائشة رضي الله عنها