داري تلب دارك أي تواجهها فمعنى قوله لبيك اتجاهي لك يا رب وقيل هو مشتق من قولهم امرأة لبة أي محبة لزوجها فمعناه محبتي لك يارب .
والثاني أن المختار عندنا أن يلبي من دبر صلواته وهذا قول بن عباس رضي الله عنه وكان بن عمر رضي الله عنه يقول يلبي حين تستوي به راحلته وذكر جابر رضي الله عنه أن النبي لبى حين علا البيداء إلا أن بن عمر رضي الله عنه رد هذا فقال إن بيداءكم هذه تكذبون فيها على رسول الله وإنما لبى رسول الله حين استوت به راحلته وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال قلت لابن عباس رضي الله عنه كيف اختلف الناس في وقت تلبية رسول الله وما حج إلا مرة واحدة قال لبى رسول الله في دبر صلواته فسمع ذلك قوم من أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين فنقلوه وكانوا القوم يأتونه أرسالا فلبى حين استوت به راحلته فسمع تلبيته قوم فظنوا أنه أول تلبيته فنقلوا ذلك ثم لبى حين علا البيداء فسمعه آخرون فظنوا أنه أول تلبيته فنقلوا ذلك وأيم الله ما أوجبها إلا في مصلاه والثالث أنه لا خلاف أن التلبية جواب الدعاء والكلام في أن الداعي من هو فقيل الداعي هو الله تعالى كما قال تعالى ! < فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم > ! 10 .
وقيل الداعي رسول الله كما قال صلوات الله عليه إن سيدا بنى دارا واتخذ فيها مأدبة وبعث داعيا وأراد بالداعي نفسه والأظهر أن الداعي هو الخليل صلوات الله عليه على ما روي أنه لما فرغ من بناء البيت أمر بأن يدعو الناس إلى الحج فصعد بأبي قبيس وقال ألا إن الله تعالى أمر ببناء بيت له وقد بنى ألا فحجوه فبلغ الله صوته الناس في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم فمنهم من أجاب مرة ومنهم من أجاب مرتين وأكثر من ذلك وعلى حسب جوابهم يحجون وبيان هذا في قوله تعالى ! < وأذن في الناس بالحج > ! الآية فالتلبية إجابة لدعاء الخليل صلوات الله عليه وسلامه ثم صفة التلبية أن يقول لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك هكذا رواه بن عمر وبن مسعود رضي الله عنهما في صفة تلبية رسول الله ومن أهل اللغة من اختار نصب الألف في قوله إن الحمد ومعناه لأن الحمد أو بأن الحمد فأما المختار عندنا الكسر وهو المروي عن محمد رحمه الله تعالى ووافقه الفراء لأن بكسر الألف يكون ابتداء الثناء وبنصب الألف يكون وصفا لما تقدم وابتداء الثناء أولى ولا بأس عندنا في الزيادة على هذه التلبية وبين العلماء اختلاف يأتي في موضعه إن