أن الوارث هم الأبوان فقط .
وأما الحديث فقد روى عن طاووس لقيت بن رجل من الأخوة الذين أعطاهم رسول الله السدس مع الأبوين فسألته عن ذلك فقال كان ذلك وصية فعلى هذا يصير الحديث دليلا لنا لأن الوارث لا يستحق الوصية فلما أعطى رسول الله الأخوة بالوصية مع الأبوين عرفنا أنهم لا يرثون .
والمعنى الذي قال هو كما قال أن من لا يرث لا يحجب غير أن الشرط أن يكون وارثا في حق من يحجبه والأخ وارث في حق الأم وإنما يحجب الأم بخلاف الرقيق والكافر ثم هو محجوب بالأب لأن حال الأخوة مع وجود الأم لا يكون أقوى من حالة عند عدم الأم وهم لا يرثون مع الأب شيئا عند عدم الأم لأن الله تعالى شرط في توريث الأخوة أن يكون الميت كلالة وللكلالة من ليس له ولد ولا والد وهذا لا يتغير بوجود الأم فلهذا لا يرث الأخ شيئا مع الأب .
والأصح أن هذه الرواية عن بن عباس لا تثبت فإن مذهبه في الجد مع الأخوة كمذهب الصديق رضي الله عنه أنهم لا يرثون شيئا فكيف يرثون مع الأب .
ويختلفون أيضا في زوج وأبوين فعلى قول عمر وعلي وبن مسعود وزيد رضي الله عنهم للزوج النصف وللأم ثلث ما بقي والباقي للأب وهو قول جمهور الفقهاء .
وعلى قول بن عباس للأم ثلث جميع المال والباقي للأب وكذلك في امرأة وأبوين للأم ثلث ما بقي عند من سمينا وعند بن عباس ثلث جميع المال .
وحكى أن بن عباس لقي زيدا رضي الله عنهما فقال نشدتك الله هل تجد في كتاب الله ثلث ما بقى فقال لا ولكنني قلت ذلك برأيي فقال كتاب الله أحق أن يؤخذ به من رأيك .
وحجته ظاهر الآية فإن الله تعالى قال ! < فلأمه الثلث > ! يعنى ثلث التركة لأنه معطوف على قوله تعالى ! < فلهن ثلثا ما ترك > ! وعلى قوله تعالى ! < وإن كانت واحدة فلها النصف > ! يعنى نصف ما ترك فكذلك قوله عز وجل ! < فلأمه الثلث > ! ثم لا يجوز أن ينتقص نصيب الأم بالزوج لأن سبب وراثه الأم أقوى من سبب الزوج فإن سبب وراثتها لا يحتمل النقص والدفع فهو قائم عند الوراثة وقد ترث جميع المال في بعض الأحوال بخلاف الزوج ولو جاز أن ينقص نصيب أحدهما لمكان الزوج لكان الأولى به الأب .
وقد ينتقص نصيب الأب لوجود الزوج فإن المرأة إذا تركت أباها وحده كان له جميع المال وإن كان مع الأب زوجها فله نصف المال .
ولا ينتقص نصيب الأم لمكان الزوج بحال فإدخال ضرر النقصان على الأب أولى منه على الأم وهذا المعنى فقهي وهو أن الأب عصبة في هذه الحالة ولا مزاحمة بين العصبات وأصحاب الفرائض ولكن أصحاب الفرائض مقدمون فيعطون فريضتهم ثم ما بقي للعصبة قل أو أكثر واعتبار الثلث والثلثين بين الأب والأم عند وجود المزاحمة ويقاس بما لو كان مكان الأب جدا في هذين الفصلين وحجتنا في ذلك قوله تعالى ! < فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث > !