معناه فلأمه ثلث ما ورثه أبواه إذ لو لم يحمل على هذا صار قوله وورثه أبواه فصلا خاليا عن الفائدة وقد كان يحصل البيان بقوله فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث كما قال تعالى ! < فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف > ! فلما قال هنا وورثه أبواه عرفنا أنه إنما جعل لها ميراث الأبوين وميراث الأبوين ما بقي بعد نصيب الزوج والزوجة .
يوضحه أنه علق إيجاب الثلث لها بشرطين أحدهما عدم الولد والآخر أن يكون الوارث أبوين فقط لأن قوله تعالى ! < فإن لم يكن له ولد > ! شرط وقوله تعالى ! < وورثه أبواه > ! عطف على شرط والمعطوف على الشرط شرط والمتعلق بشرطين كما ينعدم بانعدامهما ينعدم بانعدام أحدهما فبهذا يتبين أن ثلث جميع التركة لها غير منصوص في هذه الحالة فوجب المصير إلى هذا المعنى المعقول وهو أن الأبوين في الأصول كالابن والبنت في الفروع لأن سبب وراثة الذكر والأنثى واحد وكل واحد منهما متصل بالميت بغير واسطة ثم لا يجوز تفضيل البنت على الابن ولا التسوية بينهما في الفروع بل يكون للأنثى مثل نصف نصيب الذكر فكذلك في الأصول ويقاس ما بقى بعد نصيب الزوج والزوجة بجميع المال عند عدم الزوج والزوجة .
فأما إذا كان مكان الأب جد فيقول تفضيل الأنثى على الذكر أو التسوية إنما تجوز عند المساواة في القرب ولا مساواة فالأم متصلة بالميت من غير واسطة والجد لا يتصل به إلا بواسطة .
( ألا ترى ) أن الجد قد يحرم الميراث بمن هو أقرب منه وهو الأب والأم لا تحرم بمن هو أقرب منها بحال بمنزلة الأب فلهذا أعطيناها مع الجد ثلث جميع المال ومع الأب ثلث ما بقي .
وكان يقول أبو بكر الأصم لها ثلث ما بقي مع الزوج وثلث جميع المال مع الزوجة ويروى ذلك عن معاذ رضي الله عنه لأن مع الزوج لو أعطيناها ثلث جميع المال لم يكن للأب إلا السدس فيكون فيه تفضيل الأنثى على الذكر ولا إلى التسوية بينهما .
فأما الجدة فهي صاحبة فرض فريضتها السدس لحديث أبي سعيد الخدري أعطى الجدة السدس ويستوى في ذلك أم الأم وأم الأب فإن اجتمعتا فالسدس بينهما ثبت ذلك باتفاق الصحابة رضي الله عنهم على ما روى أن أم الأم جاءت إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقالت أعطني ميراث ولد ابنتي فقال لا أجد لك في كتاب الله تعالى نصيبا ولم أسمع من