قال زفر رحمه الله تعالى هو بالخيار إن شاء تابع وإن شاء فرق قال .
لأن الاعتكاف فرع عن الصوم فإن ما لا أصل له في الفرائض لا يصح التزامه بالنذر ولا أصل للاعتكاف في الفرائض سوى الصوم ثم التتابع في الصوم لا يجب بمطلق النذر فكذلك في الاعتكاف والدليل على التسوية أن تعيين الوقت إليه ولا يتعين لأدائه الشهر الذي يعقب نذره فيهما بخلاف الأيمان والآجال والإجارات فإنه يتعين لها الشهر الذي يعقب السبب .
( ولنا ) أن الاعتكاف يدوم بالليل والنهار جميعا فبمطلق ذكر الشهر فيه يكون متتابعا كاليمين إذا حلف لا يكلم فلانا شهرا والآجال والإجارات بخلاف الصوم فإنه لا يدوم بالليل والنهار وتأثيره أن ما كان متفرقا في نفسه لا يجب الوصل فيه إلا بالتنصيص وما كان متصل الأجزاء لا يجوز تفريقه إلا بالتنصيص ثم الاعتكاف من حيث الابتداء يشبه الصوم فإن أداءه يستدعي فعلا من جهته وكل وقت لا يصلح له كاليوم الذي أكل فيه بخلاف الأيمان فإن موجب اليمين لا يستدعي فعلا من جهته وكل وقت يصلح له فيتعين له الوقت الذي يعقب السبب ومن حيث الدوام الاعتكاف يشبه الأيمان والآجال دون الصوم فصار الحاصل أن الأيمان والآجال والإجارات عامة في الوقت ابتداء ودواما والصوم خاص بالوقت ابتداء ودواما والاعتكاف خاص بالوقت ابتداء عام بالوقت دواما فمن حيث الابتداء ألحقناه بالصوم فكان تعيين الوقت إليه ومن حيث الدوام ألحقناه بالآجال والأيمان فكان متتابعا .
وكذلك لو قال في نذره ثلاثين يوما فهذا وقوله شهرا سواء لأن ذكر أحد العددين من الأيام والليالي بعبارة الجمع يقتضي دخول ما بإزائه من العدد الآخر قال الله تعالى ثلاث ليال سويا ( 10 ) وفي تلك القصة قال في موضع آخر ثلاثة أيام إلا رمزا ( 41 ) .
فقوله ثلاثين يوما أي بلياليها فكان متتابعا .
( قال ) ( وإذا قال لله علي اعتكاف شهر بالنهار فهو كما قال إن شاء تابع وإن شاء فرق ) لأن وجوب التتابع لاتصال بعض الأجزاء بالبعض وقد انقطع ذلك بتنصيصه على النهار دون الليالي .
وإن لم يقل بالنهار ونواه فنيته باطلة لأن الشهر اسم لقطعة من الزمان من حين يهل الهلال إلى أن يهل الهلال فليس في لفظه الشهر ولا الليالي فإنما نوى تخصيص ما ليس في لفظه وذلك باطل كمن قال لا آكل ونوى مأكولا دون مأكول ولأن هذا استثناء لبعض الوقت الذي سماه والاستثناء بالنية لا يحصل كما لو قال شهرا ونوى نصف شهر بخلاف ما لو قال ثلاثين يوما ونوى النهار دون الليل لأن هنا إنما نوى حقيقة كلامه فإن اليوم في الحقيقة هو بياض النهار