فإنه إذا خرج لحاجة الإنسان لا يؤمر بأن يسرع المشي وله أن يمشي على التؤدة فظهر أن القليل من الخروج عفو والكثير ليس بعفو فجعلنا الحد الفاصل أكثر من نصف يوم فإن الأقل تابع للأكثر فإذا كان في أكثر اليوم في المسجد جعل كأنه في جميع اليوم في المسجد كما قلنا في نية الصوم في رمضان إذا وجدت في أكثر اليوم جعل كوجودها في جميع اليوم .
وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول ركن الاعتكاف هو المقام في المسجد والخروج ضده فيكون مفوتا ركن العبادة والقليل والكثير في هذا سواء كالأكل في الصوم والحدث في الطهارة .
( قال ) ( ولا تعتكف المرأة إلا في مسجد بيتها ) وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة الرجال والنساء فيه سواء قال لأن مسجد البيت ليس له حكم المسجد بدليل جواز بيعه والنوم فيه للجنب والحائض وهذا لأن المقصود تعظيم البقعة فيختص ببقعة معظمة شرعا وذلك لا يوجد في مساجد البيوت .
( ولنا ) أن موضع أداء الاعتكاف في حقها الموضع الذي تكون صلاتها فيه أفضل كما في حق الرجال وصلاتها في مسجد بيتها أفضل فإن النبي لما سئل عن أفضل صلاة المرأة فقال في أشد مكان من بيتها ظلمة .
وفي الحديث أن النبي لما أراد الاعتكاف أمر بقبة فضربت في المسجد فلما دخل المسجد رأى قبابا مضروبة فقال لمن هذه فقيل لعائشة وحفصة فغضب وقال البر يردن بهن وفي رواية يردن بهذا وأمر بقبته فنقضت فلم يعتكف في ذلك العشر فإذا كره لهن الاعتكاف في المسجد مع أنهن كن يخرجن إلى الجماعة في ذلك الوقت فلأن يمنعن في زماننا أولى .
وقد روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنها إذا اعتكفت في مسجد الجماعة جاز ذلك واعتكافها في مسجد بيتها أفضل وهذا هو الصحيح لأن مسجد الجماعة يدخله كل أحد وهي طول النهار لا تقدر أن تكون مستترة ويخاف عليها الفتنة من الفسقة فالمنع لهذا وهو ليس لمعنى راجع إلى عين الاعتكاف فلا يمنع جواز الاعتكاف .
وإذا اعتكفت في مسجد بيتها فتلك البقعة في حقها كمسجد الجماعة في حق الرجل لا تخرج منها إلا لحاجة الإنسان فإذا حاضت خرجت ولا يلزمها به الاستقبال إذا كان اعتكافها شهرا أو أكثر ولكنها تصل قضاء أيام الحيض لحين طهرها وقد بينا هذا في الصوم المتتابع في حقها ومسجد بيتها الموضع الذي تصلى فيه الصلوات الخمس من بيتها .
( قال ) ( وإذا قال الرجل لله علي أن اعتكف شهرا فعليه اعتكاف شهر متتابع في قول علمائنا ) و