للمكره وإذا صار آلة له امتنع وقوع الطلاق والعتاق .
ولا معنى لقولكم أنه في التكلم لا يصلح آلة فإنكم جعلتموه آلة حيث أوجبتم ضمان القيمة على المكره في العتاق وضمان نصف الصداق على المكره في الطلاق قبل الدخول ثم إن لم يمكن أن يجعل آلة حتى يصير الفعل موجودا من المكره يجعل آلة حتى ينعدم الفعل في جانب المكره فيلغو طلاقه وعتاقه .
وحجتنا في ذلك ما روينا من الآثار في أول الكتاب والمعنى فيه أنه تصرف من أهله في محله فلا يلغى كما لو كان طائعا .
وبيانه أن هذا التصرف كلام والأهلية للكلام يكون مميزا ومخاطبا وبالإكراه لا ينعدم ذلك وقد بينا أنه مخاطب في غير ما أكره عليه .
وكذلك فيما أكره عليه حتى ينوع عليه الأمر .
كما قررنا وهذا لأن الخطاب ينبني على اعتدال الحال وذلك لا يختلف فيه أحوال الناس فأقام الشرع البلوغ عن عقل مقام اعتدال الحال في توجه الخطاب واعتبار كلامه شرعا تيسيرا للأمر على الناس وبسبب الإكراه لا ينعدم هذا المعنى والسبب الظاهر متى قام مقام المعنى الخفي دار الحكم معه وجودا وعدما .
وبيان المحلية أنه ملكه ولو لم يكن مكرها لكان تصرفه مصادفا محله وليس للطواعية تأثير في جعل ما ليس بمحل محلا فعرفنا أن التصرف صادف محله إلا أن بسبب الإكراه ينعدم الرضا منه بحكم السبب .
ولا ينعدم أصل القصد والاختيار لأن المكره عرف الشرين فاختار أهونهما .
وهذا دليل حسن اختياره فكيف يكون مفسدا لاختياره وهو قاصد إليه أيضا لأنه قصد دفع الشر عن نفسه ولا يتوصل إليه إلا بإيقاع الطلاق وما لا يتوصل إلى المقصود إلا به يكون مقصودا فعرفنا أنه قاصد مختار ولكن لا لعينه بل لدفع الشر عنه فيكون بمنزلة الهازل من حيث إنه قاصد إلى التكلم مختار له لا لحكمه بل لغيره وهو الهزل ثم طلاق الهازل واقع فبه يتبين أن الرضا بالحكم بعد القصد إلى السبب والاختيار له غير معتبر وقد بينا أن حال المكره في اعتبار كلامه فوق حال الهازل لأن الحكم للجد من الكلام والهزل ضد الجد والمكره يتكلم بالجد لأنه يجيب إلى ما دعي إليه ولكنه غير راض بحكمه وهذا بخلاف الردة فإنها تنبني على الاعتقاد وهو التكلم بخبر عن اعتقاده وقيام السيف على رأسه دليل ظاهر على أنه غير معتقد وأنه في إخباره كاذب وكذلك الإقرار بالطلاق والإقرار متميل بين الصدق والكذب وإنما يصح من الطائع لترجح جانب الصدق فإن دينه وعقله يدعوانه إلى ذلك وفي حق المكره قيام السيف على رأسه دليل على أنه كذب والمخبر عنه إذا كان كاذبا فالإخبار به لا يصير صدقا فإن أقر به