يكون لغوا إذا كان الإكراه بغير حق بمنزلة تصرفات الصبي والمجنون ويستوي إن كان الإكراه بحبس أو قتل .
وحجته في ذلك قوله تعالى ! < لا إكراه في الدين > ! البقرة 256 والمراد نفي الحكم لما يكره عليه المرء في الدين قال عليه الصلاة والسلام رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فهذا يدل على أن ما يكره عليه يكون مرفوعا عنه حكمه وإثمه وعينه إلا بدليل .
والمعنى فيه أن هذا قول موجب للحرمة فالإكراه الباطل عليه يمنع حصول الفرقة كالردة وتأثيره أن انعقاد التصرفات شرعا بكلام يصدر عن قصد واختيار معتبر شرعا ولهذا لا ينعقد شيء من ذلك بكلام الصبي والمجنون والنائم وليس للمكره اختيار صحيح معتبر شرعا فيما تكلم به بل هو مكره عليه والإكراه يضاد الاختيار فوجب اعتبار هذا الإكراه في انعدام اختياره به لكونه إكراها بالباطل ولكونه معذورا في ذلك فإذا لم يبق له قصد معتبر شرعا التحق بالمجنون بخلاف العنين إذا أكرهه القاضي على الفرقة بعد مضي المدة أو المولى بعدها لأن ذلك إكراه بحق لانعدام اختياره شرعا .
( ألا ترى ) أن المديون إذا أكرهه القاضي على بيع ماله نفذ بيعه والذمي إذا أسلم عبده فأجبر على بيعه نفذ بيعه بخلاف ما إذا أكرهه على البيع بغير حق .
قال ( وعلى هذا قلت وإذا أكره الحربي على الإسلام صح إسلامه ولو أكره المستأمن أو الذمي على الإسلام لا يصح إسلامه ) لأنه إكراه بالباطل ولا يدخل فيه السكران فإنه غير معذور شرعا فهو في المعنى كالمكره بحق فيكون قصده واختياره معتبرا شرعا ولهذا نفذ منه جميع التصرفات ولهذا صح إقراره بالطلاق هناك ولا يصح هنا إقراره بالطلاق بالاتفاق فكذلك إنشاؤه وهذا بخلاف الهازل لأنه قاصدا لي التكلم بالطلاق مختار له فإن باب الهزل واسع فلما اختار عند الهزل التكلم بالطلاق من بين سائر الكلمات عرفنا أنه مختار للفظ وإن لم يكن مريدا لحكمه فأما المكره فغير مختار في التكلم بالطلاق هنا لأنه لا يحصل له النجاة إذا تكلم بشيء آخر وهذا بخلاف ما إذا أكره على أن يجامع امرأة وهي أم امرأته فإنها تحرم عليه لأنا ادعينا هذا في الأقوال التي يكون ثبوتها شرعا بناء على اختيار صحيح فأما الأفعال فتحققها بوجودها حسا .
( ألا ترى ) أنه إذا تحقق ذلك من المجنون كان موجبا للفرقة أيضا فكذلك من المكره بخلاف ما نحن فيه ولأن سبب الإكراه محافظة قدر الملك على المكره حتى قلتم في الإكراه على العتق المكره يضمن القيمة للمكره وكما تجب محافظة قدر ملكه عليه تجب محافظة عين ملكه عليه ولا طريق لذلك سوى أن يجعل الفعل عدما في جانب المكره ويجعل هو آلة