تامة ) أما جواز الصلاة فلأن المفسد تقدم القوم على الإمام ولم يوجد وأما الكراهة فلأن النبي تقدم للإمامة بأصحابه رضوان الله عليهم وواظب على ذلك والإعراض عن سنته مكروه ولأن مقام الإمام في وسط الصف يشبه جماعة النساء ويكره للرجال التشبه بهن ( وإن تقدم المقتدي على الإمام لا يصح اقتداؤه به إلا على قول مالك رحمه الله تعالى فإنه يقول الواجب عليه المتابعة في الأفعال فإذا أتي به لم يضره قيامه قدام الإمام ) ( ولنا ) الحديث ليس مع الإمام من يقدمه ولأنه إذا تقدم على الإمام اشتبه عليه حالة افتتاحه واحتاج إلى النظر وراءه في كل وقت ليقتدي به فلهذا لا يجوز .
فإن كان مع الإمام واحد وقف على يمين الإمام لحديث بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال بت عند خالتي ميمونة رضي الله تعالى عنها لأراقب صلاة النبي بالليل فانتبه فقال نامت العيون وغارت النجوم وبقي الحي القيوم ثم قرأ آخر سورة آل عمران إن في خلق السماوات والأرض إلى آخر الآية ثم قام إلى شن ماء معلق فتوضأ وافتتح الصلاة فقمت وتوضأت ووقفت على يساره فأخذ بأذني وأدارني خلفه حتى أقامني عن يمينه فعدت إلى مكاني فأعادني ثانيا وثالثا فلما فرغ قال ما منعك يا غلام أن تثبت في الموضع الذي أوقفتك قلت أنت رسول الله ولا ينبغي لأحد أن يساويك في الموقف فقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل .
فإعادة رسول الله إياه إلى الجانب الأيمن دليل على أنه هو المختار إذا كان مع الإمام رجل واحد .
( وفي ظاهر الرواية لا يتأخر المقتدي عن الإمام وعن محمد رحمه الله تعالى قال ينبغي أن تكون أصابعه عند عقب الإمام وهو الذي وقع عند العوام ) وإن كان المقتدي أطول فكان سجوده قدام الإمام لم يضره لأن العبرة بموضع الوقوف لا بموضع السجود كما لو وقف في الصف ووقع في سجوده أمام الإمام لطوله وإن صلى خلفه امرأة جازت صلاته لحديث أنس رضي الله عنه أن جدته مليكة رضي الله تعالى عنها دعت رسول الله إلى طعام فقال قوموا لأصلي بكم فأقامني واليتيم من ورائه وأمي أم سليم وراءنا وصلاة الصبي تخلق فبقي أنس رضي الله تعالى عنه واقفا خلفه وحده وأم سليم وقفت خلف الصبي وحدها .
وفي الحديث دليل على أنه إذا كان مع الإمام اثنان يتقدمهما الإمام ويصطفان خلفه ( قال ) ( وكذلك إن وقف على يسار الإمام ) لأن بن عباس رضي الله تعالى عنهما وقف في الابتداء عن يساره واقتدى