الأقرأ في الحديث لأنهم كانوا في ذلك الوقت يتعلمون القرآن بأحكامه على ما روي أن عمر رضي الله تعالى عنه حفظ سورة البقرة في ثنتي عشرة سنة فالأقرأ منهم يكون أعلم فأما في زماننا فقد يكون الرجل ماهرا في القرآن ولا حظ له في العلم فالأعلم بالسنة أولى إلا أن يكون ممن يطعن عليه في دينه فحينئذ لا يقدم لأن الناس لا يرغبون في الاقتداء به .
( فإن استووا في العلم بالسنة فأفضلهم ورعا ) لقوله من صلى خلف عالم تقي فكأنما صلى خلف نبي وقال ملاك دينكم الورع .
وفي الحديث يقدم أقدمهم هجرة لأنها كانت فريضة يومئذ ثم انتسخ بقوله لا هجرة بعد الفتح .
ولأن أقدمهم هجرة يكون أعلمهم بالسنة لأنهم كانوا يهاجرون لتعلم الأحكام .
فإن كانوا سواء فأكبرهم سنا لقوله الكبر الكبر .
ولأن أكبرهم سنا يكون أعظمهم حرمة عادة ورغبة الناس في الاقتداء به أكثر .
والذي قال في حديث عائشة رضي الله عنها فإن كانوا سواء فأحسنهم وجها .
قيل معناه أكثرهم خبرة بالأمور كما يقال وجه هذا الأمر كذا وإن حمل على ظاهره فالمراد منه أكثرهم صلاة بالليل جاء في الحديث من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار .
قال ( ويكره للرجل أن يؤم الرجل في بيته إلا بإذنه ) لقوله لا يؤم الرجل الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه ولأن في التقدم عليه ازدراء به بين عشيرته وأقاربه وذلك لا يليق بحسن الخلق إلا أن يكون الضيف سلطانا فحق الإمامة له حيث يكون وليس للغير أن يتقدم عليه إلا بإذنه وإذا كان مع الإمام رجلان فإنه يتقدم الإمام ويصلي بهما لأن للمثنى حكم الجماعة قال الأثنان فما فوقهما جماعة .
وكذلك معنى الجمع من الاجتماع وذلك حاصل بالمثنى .
والذي روي أن بن مسعود رضي الله تعالى عنه صلى بعلقمة والأسود في بيت واحد فقام في وسطهما قال إبراهيم النخعي رحمه الله كان ذلك لضيق البيت .
والأصح أن هذا كان مذهب بن مسعود رضي الله تعالى عنه ولهذا قال في الكتاب ( وإن لم يتقدم الإمام وصلى بهما فصلاتهم تامة ) لأن فعلهم حصل في موضع الاجتهاد وأقل الجمع المتفق عليه ثلاثة والتقدم للإمامة من سنة الجماعة ولهذا قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى في صلاة الجمعة النصاب ثلاثة سوى الإمام ( وإن كان القوم كثيرا فقام الأمام وسطهم أو في ميمنة الصف أو في ميسرة الصف فقد أساء الإمام وصلاتهم