الحدود والقصاص والنكاح فذاك ليس من شركة ما بينهما فنزل كل واحد منهما في المشهود به من صاحبه منزلة الأجنبي وأما في الأموال هما بعقد المفاوضة صار في ذلك كشخص واحد فكل واحد منهما فيما يشهد به لصاحبه بمنزلة الشاهد لنفسه وشهادة الشريك لشريكه .
وإن كانا غير متفاوضين لا تجوز في تجارتهما للتهمة لأن فيما يكون من تجارتهما الشاهد يثبت الحق لنفسه وصاحبه كالوكيل عنه فهو كشهادة الموكل لوكيله فيما وكله به فأما فيما ليس من تجارتهما فهو كسائر الأجانب لأن تهمة الميل بسبب عقد الشركة لا تتمكن عند ظهور العدالة فإن بسبب الشركة يحصل بينهما الصداقة .
والصديق إذا كان عدلا عاقلا يمنع صديقه من أكل الحرام ولا يحمله على ذلك بالشهادة .
وكذلك شهادة أجير أحد الشريكين للشريك الآخر وشهادة الأجير لأستاذة لا تجوز في شيء .
وإن كان عدلا أخذ في ذلك بالثقة واستحسن لما بلغنا في ذلك عن شريح رحمه الله تعالى ولحالة الناس التي هم عليها اليوم والمراد الإشارة إلى التهمة فالأجير هنا هو التلميذ الخاص وقد ظهر مثله إلى أستاذه وإيثاره على غيره فكان بمنزلة الزوجية في المنع من قبول الشهادة ولأنه هو الذي يقبض ما يجب لأستاذه فكأنه يثبت حق القبض لنفسه بشهادته وقد ورد الحديث بأن لا شهادة للقانع بأهل بيته .
ومعنى ذلك أنه يعد خيرهم خير نفسه وشرهم شر نفسه والأجير في حق أستاذه بهذه الصفة .
وقيل مراده أجيرا استأجره مسانهة أو مشاهرة فإنما يستوجب الأجر بتسليم نفسه وفي الزمان الذي يسلم نفسه لأداء الشهادة له يستوجب الأجر فكان بمنزلة من استؤجر على أداء الشهادة فلهذا لا تقبل شهادته لأستاذه في شيء .
ولو أن رجلا كان عليه مال فشهد ابناه أن الطالب أبرأ أباهما واحتال به على فلان والطالب منكر لم تجز شهادتهما لأنهما يسقطان بشهادتهما مطالبة الطالب عن أبيهما فدفعهما عن أبيهما كدفعهما عن أنفسهما .
ولو كان المال على غير أبيهما فشهدا أن الطالب احتال به على أبيهما والطالب ينكر والمطلوب يدعي الحوالة والبراءة جازت شهادتهما لأنهما يشهدان على أبيهما بالمال ويلزمانه المطالبة بشهادتهما وإنما يسقطان بها مطالبة الطالب عن المطلوب وهو أجنبي عنهما فلهذا قبلنا شهادتهما .
ولو شهد رجلان أن لهما ولفلان على فلان كذا لم تجز شهادتهما لأنهما شاهدان لأنفسهما وهذا لأنهما يشهدان بدين مشترك أو ينصرف واحد يثبت به المال لهما ولفلان .
فإذا لم تقبل شهادتهما في حق أنفسهما وكان مدعيين في ذلك فكذلك في حق الثالث كما لو شهدا أنه قذف هذا وأمنا في كلمة واحدة .
وكذلك لو شهدا أن فلانا أبرأهما