لتهمة أو للدفع عن نفسه أو بالاختلاف في الشهادة أو بتكذيب الذي شهد له فإنه لا يكون شاهد الزور فيما ذكرنا من الحكم لأني لا أدري أيهما الصادق المشهود له أو الشاهد فلعل المشهود له أراد بالشاهد العقوبة والتهمة فقصر في دعواه عما شهد به شاهده وكذلك من ردت شهادته للتهمة فلعله صادق في شهادته .
وإذا اختلف الشاهدان في الشهادة فلا يعرف الكاذب منهما فلهذا لا يعزر واحد من هؤلاء والرجال والنساء وأهل الذمة في شهادة الزور سواء لقيام الأهلية في حقهم جميعا فيما تعلق بشهادة الزور .
وإذا شهد أحد الشاهدين على قتل أو جراحة عمدا أو خطأ وشهد الآخر على الإقرار بذلك لم تجز شهادتهما لاختلاف المشهود به فأحدهما يشهد بفعل معاين والآخر يقول مسموع والقول غير الفعل .
وكذلك لو اختلفا في الوقت أو في المكان الذي كان به القتل فأما في البيع اختلاف الشهود في المكان والزمان والإنشاء والإقرار لا يمنع قبول الشهادة إلا على قول زفر رحمه الله تعالى فإنه يقول لا تقبل لاختلافهما في المشهود به فالموجود في مكان غير الموجود في مكان آخر كالأفعال .
ولكنا نقول القول يعاد ويكرر ويكون الثاني هو الأول في الحكم فبهذا الاختلاف لا يتحقق بينهما اختلاف في المشهود به وكذلك صيغة الإقرار والإنشاء في البيع واحدة بخلاف الأفعال فإنها لا تحتمل التكرار ولو شهد أحدهما في قرض مائة درهم وشهد الآخر على الإقرار بذلك جاز كما في البيع لأن البيع والقرض كلام كله .
وقال بعضهم هنا الجواب في القرض غلط فإن الإقراض فعل فإنه لا يتحقق إلا بتسليم المال والقبض بحكم القرض موجب ضمان المثل كالغصب وكما أن اختلاف الشهود في الغصب في الإقرار والإنشاء يمنع قبول الشهادة فكذلك في القرض ولكن ما ذكره في الكتاب أصح لأن حكم القرض إنما يثبت بقوله أقرضتك لا بتسليم المال إليه فإن تسليم المال إليه بدون هذا القول يكون إيداعا وقوله أقرضتك صيغة الإقرار والإنشاء فيه واحد كما في البيع .
ولو شهد أحدهما على مائة والآخر على خمسين لم تقبل هذه الشهادة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لاختلاف الشاهدين في المشهود به لفظا وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى تقبل على الأقل إذا كان المدعي يدعي الأكثر حتى لا يصير مكذبا أحد شاهديه .
وقد بينا في كتاب الطلاق في التطليقة والتطليقتين ولا يجوز شهادة دافع عن نفسه مغرما أو جار إليها مغنما لأنه متهم في شهادته وقال صلى الله عليه وسلم لا شهادة لمتهم ولأنه في معنى الشاهد لنفسه وشهادة المرء لنفسه دعوى .
ولا تجوز شهادة المفاوض لشريكه في شيء ما خلا