وفلانا من مال كان له عليهما وعليه لأن المشهود به كلام واحد وهو في حقهما دعوى لا شهادة وبين الدعوى والشهادة مغايرة .
فإذا كان كلامهما دعوى في البعض لا تكون شهادة معتبرة في الباقي وكذلك شهادة ولدهما لأنهما في البعض يشهدان لوالديهما ولا يجوز شهادة الأجير لمعلمه يريد به التلميذ وقد بينا المعنى فيه وإذا ادعى رجل دابة في يد رجل فقال هي دابة فلان دفعها إلى وديعة فردها عليه وجاء أحد الورثة فخاصمه في ذلك وقال هي دابتي تصدق بها على أبي فجاء الذي كانت في يده أولا وشهد أنها دابته .
( قال ) ( إن كان يعلم أن هذا أودعها أباه ثم ردها عليه فشهادته جائزة وإلا فلا تجوز شهادته ) لأن هذا دافع مغرم ومعنى هذا أنه إذا علم أنه هو الذي أودعها إياه وأنه قد ردها عليه فقد خرج من ضمانها بيقين لأن المستودع يستفيد البراءة بالرد على من أودعه غاصبا كان أو مالكا فلا تتمكن تهمة في شهادته بالملك للمدعي بعد ذلك وأما إذا لم يعلم ذلك فقد صار هو مقرى على نفسه بثبوت يده عليها وذلك موجب للضمان عليه لمالكها ما لم تصل يده إليها فهو بهذه الشهادة يريد اتصالها إلى يده ليبرئ نفسه عن ضمانها فتتمكن تهمة في شهادته .
( قال ) ( وكذلك الدار ) قيل هذا على قول من يقول العقار يضمن بالغصب .
وقيل بل هو قول الكل لأنه يخاف أن يرفع إلى قاض يرى العقار كالمنقول في إيجاب الضمان على مثبت اليد عليها فيقضي عليه بالضمان فهو بهذه الشهادة يدفع المغرم على نفسه أيضا .
( رجل معه شاة فمر رجل فقال اذبحها فذبحها ثم جاء رجل فأقام البينة أن هذا أغصبها منه وأقام شاهدين أحدهما الذابح لم تجز شهادة الذابح ) لأنه دافع المغرم عن نفسه فالمدعي إذا ثبت ملكه يتمكن من تضمين الذابح والذابح بشهادته يصير مقرى بالضمان له عن نفسه فإنما يقصد بإخراج الكلام مخرج الشهادة دفع المغرم عن نفسه بأن يتوصل صاحبها إلى حقه في تضمين الغاصب ولأن ضمان الغصب إذا تقرر أوجب الملك للغاصب فهو بهذه الشهادة يريد أن يقرر الضمان على من أمره بالذبح ليثبت الملك له فيعتبر عند ذلك أمره في إسقاط الضمان عن الذابح فكان دافع المغرم من هذا الوجه والثاني يحتمل أن المالك غيره وغيره يضمنه وهو لا يضمنه باعتبار أن بينهما محبة ومودة فقد تمكنت التهمة في هذه الشهادة .
( قال ) ( ومن التهاتر أن يشهد الشاهدان أن هذا الشيء لم يكن له ) لأن هذا نفي والشهادة للإثبات دون النفي فإن النفي مما لا يعرف لأن الإنسان ما لم يصحب غيره أناء الليل وأطراف النهار لا يعلم أن هذا الشيء ليس له وهو وإن صحبه لا يعلم ذلك أيضا فقد لا يعرف الإنسان ذلك من نفسه بأن يكون ورث شيئا فيكون