مالك والشافعي رحمهما الله تعالى لا شهادة لهم على أحد .
وكان بن أبي ليلى رحمه الله يقول إذا اتفقت مللهم تقبل شهادة بعضهم على بعض وإن اختلفت لا تقبل لقوله صلى الله عليه وسلم لا شهادة لأهل ملة على ملة أخرى إلا المسلمين فشهادتهم مقبولة على أهل الملل كلها ولأن عند اختلاف الملة يعادي بعضهم بعضا وذلك يمنع من قبول الشهادة كما لا تقبل شهادتهم على المسلمين وعلى هذا كان ينبغي أن لا تقبل شهادة المسلمين عليهم إلا أنا تركنا ذلك لعلو حال الإسلام قال صلى الله عليه وسلم الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ولأنهم يعادون أهل الشرك بسبب المسلمون فيه محقون وهو إصرارهم على الشرك فلا يقدح ذلك في شهادتهم بخلاف أهل الملل فاليهود يعادون النصارى والنصارى يعادون اليهود بسبب هم فيه غير محقين قال الله تعالى ! < وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء > ! 113 وقال الشافعي رحمه الله تعالى الكافر فاسق ولا تقبل شهادته كالفاسق المسلم وبيان فسقه قوله تعالى ! < أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا > ! 18 وقال الله تعالى ( والكافرون هم الفاسقون ) والفسق عبارة عن الخروج يقال فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها وسميت الفأرة ( فويسقة ) لخروجها من جحرها وسمي المسلم بذلك لخروجه عن حد الدين تعاطيا والكافر لخروجه عن حد الدين اعتقادا فإذا ثبت أنه فاسق وجب التوقف في خبره بالنص والشرط في الشاهد بالنص أن يكون مرضيا قال الله تعالى ! < ممن ترضون من الشهداء > ! 282 والكافر لا يكون مرضيا .
والدليل عليه أن شهادته على المسلمين لا تقبل وكل من لا يكون من أهل الشهادة على المسلمين لا يكون من أهل الشهادة على أحد كالعبيد والصبيان بل أولى فالعبد المسلم أحسن حالا من الكافر .
( ألا ترى ) أن خبره في الديانات يقبل ولا يقبل خبر الكافر ولأن الرق من آثار الكفر فإذا كان أثر الكفر يخرجه من الأهلية للشهادة فأصل الكفر أولى وقاس بالمرتد واستدل ببطلان شهادته على قضاء قاض المسلمين وعلى شهادة المسلم فلو كان من أهل الشهادة لقبلت شهادته في هذا إذا كان الخصم كافرا .
وحجتنا في ذلك قوله تعالى ! < أو آخران من غيركم > ! 106 أي من غير دينكم وهو بناء على قوله تعالى ! < يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم > ! 106 إلى قوله ! < أو آخران من غيركم > ! 106 ففيه تنصيص على جواز شهادتهم على وصية المسلم ومن ضرورة جواز شهادتهم على وصية المسلم جوازها على وصية الكافر وما يثبت بضرورة النص فهو كالمنصوص ثم انتسخ في لك في حق المسلم بانتساخ حكم ولا يتهم على المسلمين فبقي حكم الشهادة فيما بينهم على ما ثبت بضرورة النص فليس من ضرورة