مقبولة وليس بين أصحاب الأهواء من الاختلاف أشد مما كان بينهم من القتال وفي موضع آخر علل فقال إنهم للتعمق في الذين ضلوا عن سواء السبيل ووقعوا في الهوى وذلك لا يلحق تهمة الكذب بهم في الشهادة فمن أهل الأهواء يعظم الذنب حتى يجعله كفرا فلا يتهم باعتبار هذه الاعتقاد أن يشهد بالكذب ومنهم من يقول بالفسق يخرج من الإيمان فاعتقاده هذا يحمله على التحرز عن الكذب الموجب لفسقه وقد بينا أن شهادة الفاسق إنما لا تقبل لتهمة الكذب والفسق من حيث الاعتقاد لا يدل على ذلك فهو نظير شرب المثلث معتقدا إباحته أو يتناول متروك التسمية عمدا معتقدا إباحة ذلك فإنه لا يصير به مردود الشهادة إلا الخطابية من أهل الأهواء وهم صنف من الروافض يستجبرون أن يشهدوا للمدعي إذا حلف عندهم أنه محق ويقولون المسلم لا يحلف كاذبا فاعتقاده هذا يمكن تهمة الكذب في شهادته .
قالوا وكذلك من يعتقد أن الإلهام حجة موجبة للعلم لا تقبل شهادته لأن اعتقاده ذلك يمكن تهمة الكذب فربما أقدم على أداء الشهادة بهذا الطريق فأما رواية الأخبار عن أهل الأهواء فقد اختلف فيه مشايخنا رحمهم الله تعالى .
والأصح عندي أنه لا تقبل لأن المعتقد للهوى يدعو الناس إلى اعتقاده ومتهم بالنقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم لإتمام مراده فلا تقبل روايته لهذا ولا يوجد مثل ذلك منه في الشهادة في المعاملات .
وعلى هذا شهادة العدو على عدوه لا تقبل عند الشافعي رحمه الله تعالى لأن العداوة بينهما تحمله على التقول عليه ولهذا لم يجوز شهادة أهل الأهواء على أهل الحق .
فأما عندنا إذا كانت العداوة بينهما بسبب شيء من أمر الدين فشهادة بعضهم على بعض تقبل لخلوها عن تهمة الكذب فأما من يعادي غيره لمجاوزته حد الدين يمتنع من الشهادة بالزور وإن كان يعاديه بسبب شيء من أمر الدنيا فهو أمر موجب فسقه فلا تقبل شهادته عليه إذا ظهر ذلك منه وشهادة أهل الإسلام جائزة على أهل الشرك كلهم لأن الله تعالى أثبت للمؤمنين شهادة على الناس بقوله عز وجل ! < لتكونوا شهداء على الناس > ! 143 ولما قبلت شهادة المسلم على المسلم فعلى الكافر أولى .
ومن عرف منهم بالخيانة لم تجز شهادته أهل الأهواء وغير أهل الأهواء في ذلك سواء .
فالمجون نوع جنون قال القائل في هذا المعنى إن شرخ الشباب والشعر الأسود ما لم يعاص كان جنونا ثم لما جن تشتد غفلته على وجه ينعدم به الضبط أو يقل وتظهر منه المجازفة فيما يقول ويفعل فيتهم بالمجازفة في الشهادة أيضا .
وشهادة أهل الشرك بينهم جائزة بعضهم على بعض عندنا .
وقال