الشهادة على الشهادة حجة في ذلك إلا في الرجم فالشاهد على الزنى في جملة من يرجم يشترط حضوره لا محالة وفيما سوى ذلك من الحدود الإمام هو الذي يقيم إذا ظهر السبب عنده وظهر بالشهادة على الشهادة لأنها حجة أصلية وفيما ذكرنا جواب عن كلامه إذا تأملت .
ولا يجوز في شيء شهادة من لم يعاين ولم يسمع لأنه لا علم له بالشهود به وبدون العلم لا يجوز له أن يشهد قال الله تعالى إلا من شهد بالحق وهم يعلمون وقال الله تعالى وما شهدنا إلا بما علمنا وهذا لأن الشاهد يعلم القاضي حقيقة الحال ويميز الصادق المخبر من الكاذب ولا يتحقق ذلك منه إذا لم يعلم به وطريق العمل المعاينة إذا كان المشهود به مما يعاين والسماع إذا كان ذلك مما يسمع كإقرار المقر والله أعلم بالصواب .
$ باب الاستحلاف $ قال رحمه الله تعالى اعلم بأن المدعي عليه يستحلف في الخصومات ثبت ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم واليمين على ما أنكر إلا أنه لا يستحلف إلا بطلب المدعي لأن اليمين حقه قال صلى الله عليه وسلم للمدعي لك يمينة وكما لا يستحضر ولا يطلب الجواب إلا بطلب المدعي فكذلك لا يستحلف إلا بطلبه ومعنى جعل الشرع اليمين حقا للمدعي قبل المدعي عليه أن الغموس من اليمين مهلكة على ما روى في حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اقتطع بيمينه وجد له مال امرئ مسلم حرم الله تعالى عليه الجنة قيل فإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله قال صلوات الله عليه وإن كان قضيبا من أراك وعن بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف يمينا فاجرة ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله تعالى وهو عليه غضبان فعرفنا أنه يمين مهلكة والمدعي يزعم أن المنكر أتلف حقه بجحوده فجعل له الشرع يمينه حتى تكون مهلكة له إن كان كما زعم المدعي فالإهلاك بمقابلة الإهلاك جزاء مشروع كالقصاص وإن كان كما زعم المدعي عليه فلا يضره اليمين الصادقة فهذا تحقيق معنى العدل في شرع اليمين حقا للمدعي قبل المدعي عليه ثم له رأى في تأخير الاستحلاف فربما يرجو أن يحضر شهوده ولا يأمن أن تكون خصومته عند قاض لا يرى قبول البينة بعد الاستحلاف فيؤخر استحلافه لذلك فلهذا لا يحلف إلا بطلب المدعي ولأن من أصل أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لا يحلف الخصم إذا زعم المدعي أن شهوده حضور وعندهما إذا كان الشهود في مجلس القضاء والمدعي