معناه فإن لم يكن الشهيدان رجلين فرجل وامرأتان شهيدان ليكون تفسيرا لقوله تعالى ! < واستشهدوا شهيدين > ! 282 والآية في المداينات ولكن ذلك مما لا يندرئ بالشبهات فيكون ذلك دليلا على جواز العمل بشهادة رجل وامرأتين فيما لا يندرئ بالشبهات والنكاح والطلاق والعتاق والنسب من هذه الجملة عندنا .
وقال الشافعي رحمه الله تعالى المعنى في المداينات كثرة المعاملات فيما بين الناس فإنما يجعل شهادة النساء مع الرجال حجة في ذلك خاصة وهي الأموال وحقوقها فإما فيما سوى ذلك فلا بد من شهادة رجلين وقد بينا المسألة في كتاب النكاح .
والشهادة على الشهادة جائزة في كل شيء ما خلا القصاص والحدود وذلك مروى عن إبراهيم رحمه الله تعالى وهذا لأن الشهادة على الشهادة فيها ضرر شبهة ينعدم ذلك بجنس الشهود من حيث أن الخبر إذا تداولته الألسنة يمكن فيه زيادة ونقصان فهو بمنزلة شهادة الرجال مع النساء تكون حجة فيما يثبت مع الشبهات دون ما يندرئ بالشبهات بل أولى فإن الشهادة على الشهادة حلف حقيقة حتى لا يصار إليها إلا عند العجز عن شهادة الأصول وشهادة النساء مع الرجال في صورة الحلف قال الله تعالى ! < فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان > ! 282 وليس بحلف حقيقة حتى يجوز العمل بشهادة رجل وامرأتين مع القدرة على استشهاد رجلين عرفنا أن ذلك أقوى من الشهادة على الشهادة ولأنا نتيقن أن شاهد الفرع لم يعاين السبب ولا يتيقن في ذلك شهادة النساء إنما فيه تهمة الضلال والنسيان فإذا لم تكن شهادة النساء مع الرجال حجة في الحدود والقصاص فالشهادة على الشهادة أولى .
والشافعي رحمه الله تعالى يجعل الشهادة على الشهادة حجة في حقوق العباد أجمع العقوبات وغير العقوبات في ذلك سواء لأنه حجة أصلية فيما هو المشهور به وهو شهادة الأصول فإثبات ذلك بشهادتهم في مجلس القضاء كثبوته بأدائهم لو حضروا بأنفسهم بخلاف شهادة النساء مع الرجال فشهادة النساء حجة ضرورية لأن النساء لا يحضرن محافل الرجال عادة فلا تجعل حجة إلا فيما تكثر فيه المعاملة لأن الضرورة تتحقق في ذلك وفي الحدود التي هي لله تعالى له قولان في أحد القولين يقول الشهادة على الشهادة لا تكون حجة في ذلك لأن شهادتهم على شهادة الأصول بمنزلة شهادتهم على إقرار المقر وذلك غير مقبول في الحدود التي هي لله تعالى ومقبول في حقوق العباد فكذلك الشهادة على الشهادة وهذا لتحقيق الحاجة والضرورة للعباد وذلك ينعدم فيما هو لله تعالى .
وفي قول آخر يقول