عنهما كان يقولان لا يردها بعد الجناية فكذلك بعد الوطء وبالإجماع بيننا وبين الشافعي الجناية تمنع الرد فكذلك الوطء وهو المعنى الفقهي في المسألة أن الوطء يسلك فيه مسلك الجناية فيمنع الرد بمنزلة الجناية عليها بنفسها .
والدليل على إثبات هذا الوصف اتفاق الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كما بينا .
والدليل على أن المستوفي بالوطء في حكم جزء من العين فإن المستوفي بالوطء ما يملك بالنكاح والمملوك بالنكاح في حكم العين ولهذا لا يملك العقد إلا مؤبدا والدليل عليه أن استيفاءه في غير الملك لا يخلو عن عقوبة أو غرامة واستيفاء المنفعة تنفك عن ذلك وإن المستوفي بالوطء مصون عن الابتدال حتى لا يجوز استيفاؤه بالبدل بدون الملك والمصون من الآدمي نفسه وأجزاؤه لا منافعه والمنفعة تتبدل من الآدمي كما تتبدل من غيره فإذا ثبت أنه في حكم جزء من العين فاستيفاؤه كاستيفاء جزئه بالجناية وذلك يمنعه من الرد بالعيب والدليل عليه ما إذا كانت بكرا تقرر ما قلنا إن الرد بالعيب فسخ للعقد من الأصل ولهذا لو كان موهوبا كان للواهب أن يرجع فيه ولو كان مبيعا كان للبائع أن يرده على بائعه ولو لم يتعذر ردها بالعيب لأجل الوطء لكان إذا ردها ويفسخ العقد من الأصل تبين أن وطأه إياها كان في غير الملك والوطء لا يحل إلا في الملك فللتحرز عن الوطء الحرام قلنا لا يردها .
والوطء في غير الملك بمنزلة تناول جزء من العين حتى لا ينفك عن عقوبة أو غرامة وبهذا فارق حكم بيع المرابحة لأنه لا يتبين بالبيع مرابحة أن وطأه إياها كان في غير الملك ولأن ذلك في حكم جزء من العين أيضا ولكن هو جزء وهو ثمرة لما لم يتمكن به نقصان في العين وذلك لا يمنع بيع المرابحة عندنا فإنه لو تناول لبن الشاة وأعلفها بقدره كان له أن يبيعها مرابحة وهذا بخلاف وطء الزوج إياها عند المشتري لأن ذلك حصل بتسليط البائع وإيجابه له بالنكاح فيجعل كفعل البائع بنفسه بخلاف ما إذا كانت بكرا فإنه بالنكاح يوجب الوطء للزوج لا صفة البكارة فيصير أصل الوقت مضافا إلى البائع ولكن بزوال صفة البكارة لا يصير مضافا إلى البائع فكأنها ذهبت إلى المشتري من غير صنع أحد أو بصنع إنسان بأصبع أو خشبة وذلك يمنع المشتري من ردها وكذلك وطء البائع قبل التسليم فثبوت الخيار للمشتري وسقوط شيء من الثمن إذا كانت بكرا باعتبار صفة البكارة دون الوطء وهذا لأن المستوفي بالوطء في حكم جزء هو ثمرة كما بينا وذلك لا يوجب الخيار للمشتري كتناول الثمار واللبن إلا أن ذلك مال متقوم فيقابله جزء من الثمن إذا صار مقصودا يتناول البيع وهذا الجزء ليس بمال