متقوم ألا ترى أنه يملك بالنكاح والمملوك بالنكاح ليس بمال فلا يقابله شيء من الثمن ثم المبيعة قبل التسليم في ضمان البائع وفي حكم الوطء إنما تصير مملوكة للمشتري بالقبض فإن الوطء تصرف وملك التصرف يثبت للمشتري بالقبض ولهذا لا يجتزأ بالحيضة التي توجد قبل القبض من استبراء المشتري فلهذا لم يوجب العقد على البائع إذا وطئها وسنقرر لأبي حنيفة الكلام في موضعه إن شاء الله تعالى وهذا بخلاف الاستخدام فالمنفعة ليست في حكم جزء من العين ولكنها أعراض تحدث شيئا فشيئا وهو يتبدل ويجوز استيفاؤها في عين الملك واستيفاؤها بخلو عن عقوبة أو غرامة فأكثر ما فيه أنه يتبين بالرد أنه استخدمها في غير ملكه وذلك لا يوجب عليه شيئا فلهذا لا يمنع الرد بسبب الاستخدام بخلاف الوطء إذا ثبت أنه لا يمكنه ردها بالعيب قلنا يرجع بحصة العيب من الثمن لأن الجزء الفائت صار مستحقا بالعقد للمشتري وقد تعذر تسليمه إليه فيرد حصة من الثمن لأنه صار مقصودا بالمنع فيكون له حصة من الثمن فطريق معرفة ذلك أن يقومها وبها العيب ويقومها ولا عيب بها فإن كان تفاوت ما بين القيمتين العشر رجع بعشر الثمن وإن كان نصف العشر رجع بنصف عشر الثمن إلا أن يقول البائع ردها علي فأنا أرضى بذلك فحينئذ يردها لأن المانع من الرد حقه وقد زال حين رضي به .
ولو لم يطأها ولكن حدث بها عيب عند المشتري ووجد بها عيب لم يردها عندنا وقال بن أبي ليلى يردها ويرد معها نقصان العيب الحادث عنده لأن رد البدل عند تعذر رد العين بمنزلة رد العين ولكنا نقول حق الرد للمشتري إنما ثبت لدفع الضرر عن نفسه وإنما يدفع الضرر عن نفسه بطريق لا يلحق الضرر فيه بالبائع وبعد ما تعيب عنده لو ردها كان في ذلك إلحاق الضرر بالبائع ولا يقال لا بد من إلحاق الضرر بأحدهما فيترجح جانب المشتري في دفع الضرر عنه لأن البائع دلس له العيب والمشتري صار مغرورا من جهته وهذا لأن الشرع ينظر لهما جميعا والضرر عن المشتري يندفع إذا أثبتنا له حق الرجوع بحصة العيب من الثمن فإن لم يندفع فذلك لعجزه عن الرد كما قبض لا لتصرف يباشره البائع ولو رده تضرر البائع بتصرف يباشره المشتري وهو ردها عليه فكان مراعاة جانب البائع أولى من هذا الوجه وإذا لم يردها رجع بنقصان العيب من الثمن كما بينا إلا أن يرضى البائع بأن يردها عليه لأن المانع من الرد حق البائع وقد رضي بالتزام هذا الضرر .
( قال ) ( فإن باعها المشتري بعد ما رأى العيب بها وقد وطئها