من إباقها ثم اشتراها أحد الشاهدين فوجدها آبقة فليس له أن يردها لأن الإباق هنا مضاف إليها بحرف الكتابة وتخصيصه من بين سائر العيوب بالإضافة إليها يكون إخبار بوجوده فيها فالشاهد أقدم على شرائها وهو عالم بعيبها فلا يكون له أن يردها بالعيب .
( قال ) ( وإذا اشترى جارية ولم يتبرأ البائع من عيوبها فوطئها المشتري ثم وجد بها عيبا فليس له أن يردها بالعيب عندنا بكرا كانت أو ثيبا عندما اشتراها ) وقال الشافعي رحمه الله تعالى إن كانت بكرا فكذلك الجواب وإن كانت ثيبا فله أن يردها بالعيب ولا يغرم للوطء شيئا .
وقال بن أبي ليلى يردها بكرا كانت أو ثيبا ويرد معها عقرها وعقرها عشر قيمتها إن كانت بكرا أو نصف عشر قيمتها أن كانت ثيبا وجه قول الشافعي أنه قادر على ردها كما قبضها فله أن يردها كما قبل الوطء وهذا لأن الوطء في الثيب لا يوجب نقصانا في عينها حقيقة ولا حكما وإنما استوفى منها محض منفعة فهو كما لو استخدمها ثم اطلع على عيب بها بل أولى فإن الإستخدام يعيبها والوطء يمنعها بخلاف ما إذا كانت بكرا فالوطء هناك يفوت جزء منها فان صفة البكارة في الجارية بمنزلة جزء من عين هو مال متقوم ولهذا استحق بالبيع شرطا والدليل على الفرق إن المشتري بعد ما وطء البكر ليس له أن يبيعها مرابحة من غير بيان وفي الثيب له أن يبيعها مرابحة بعد الوطء من غير بيان .
وكذلك لو كانت ذات زوج فوطئها الزوج عند المشتري فإن كانت بكرا ليس للمشتري أن يردها بعيب النكاح بعد ذلك وإن كانت ثيبا فله ذلك وكذلك البائع إذا وطىء المبيعة قبل القبض فإن كانت ثيبا لم يسقط شيئا من الثمن ولا يتخير المشتري به في قول أبي حنيفة بخلاف ما إذا كانت بكرا .
وبهذه الفصول يتبين أن الوطء في الثيب بمنزلة الاستخدام وكما أن الوطء لا يحل إلا في الملك فالإجبار على الخدمة لا تحل إلا في الملك ثم لا يمنع نسبة الرد بالعيب .
وحجتنا في ذلك إجماع الصحابة رضوان الله عليهم فقد قال علي وبن مسعود رضي الله عنهما لا يردها بعد الوطء .
و ( قال ) عمر وزيد بن ثابت رضي الله عنهما يردها ويرد معها عشر قيمتها إن كانت بكرا ونصف عشر قيمتها إن كانت ثيبا فقد اتفقوا على أن الوطء لا يسلم للمشتري مجانا فمن قال يردها ولا يرد معها شيئا فقد خالف أقاويل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وكفى بإجماعهم حجة عليه ثم إنهم مجمعين على أن الوطء بمنزلة الجناية إلا أنه كان من مذهب عمر وزيد رضوان الله عليهما أن المشتري إذا جنى عليها ثم علم بعيب يردها ويرد معها الأرش ففي الوطء أجابا نحو ذلك وعلي وبن مسعود رضي الله