العيب الذي يحدث قبل القبض فسد به العقد ولو دخل في هذا الشرط لفسد العقد به أيضا فأبو يوسف رحمه الله تعالى يقول العيب الحادث قبل القبض لما جعل كالموجود عند العقد في ثبوت حق الرد فكذلك يجعل كالموجود عند العقد في دخوله في شرط البراءة من كل عيب وهذا لأن مقصود البائع إثبات صفة اللزوم للعقد والامتناع من التزام ما لا يقدر على تسليمه وفي هذا لا فرق بين العيب الموجود والحادث قبل القبض ولا رواية عن أبي يوسف فيما إذا نص على البراءة عن العيب الحادث وقيل ذلك صحيح عندنا باعتبار أنه يقيم السبب وهو العقد مقام نفس العقد الموجب للرد في صحة الإسقاط ولئن سلمنا فنقول هنا ظاهر لفظه يتناول العيوب الموجودة ثم يدخل فيه ما يحدث قبل القبض تبعا لأن ذلك يرجع إلى تقرير مقصودهما وقد يدخل في التصرف تبعا ما لا يجوز أن يكون مقصودا بذلك التصرف كالشرب في بيع الأرض والمنقولات في وقف القربة ولو كان شرط البراءة من كل عيب به فهذا يفسد العيب الموجود فلا يتناول الحادث بالاتفاق .
وإن اختلفا في عيب فقال المشتري أنه حدث بعد العقد قال البائع بل كان موجودا عند العقد فإن كان شرط البراءة من كل عيب فالقول قول المشتري وإن كان شرط البراءة من كل عيب فعلى قول محمد القول في ذلك قول البائع وعند زفر القول قول المشتري لأنه هو المسقط لحقه فالقول في بيان ما أسقط قوله كما في الفصل الأول ومحمد يقول قد ظهر المسقط مطلقا فالمشتري إذا ادعى خروج شيء بعينه من ذلك المطلق لا يقبل قوله في ذلك إلا بحجة كما لو أبرأه عن كل حق له عليه ثم اختلفا في دين أنه كان موجودا وقت الإبراء أو حدث بعده فإنه يجعل القول قول من يدعي دخوله في البراءة المطلقة لهذا المعنى بخلاف ما إذا شرط البراءة من كل عيب به لأن المسقط هنا ما ظهر إلا مقيدا بوصف فإذا أنكر المشتري في عيب عينه أنه ما دخل في ذلك الإيجاب المقيد وجب المصير إلى قوله كما في البراءة المقيدة بمكان أو زمان .
( قال ) ( وإذا شهد شاهدان على البراءة من كل عيب في خادمة ثم اشتراها أحد الشاهدين بغير براءة فوجد بها عيبا كان له أن يردها ) لأن البراءة من كل عيب لا تتضمن الإقرار بوجود كل عيب فيها فلا يكون الشاهد راضيا بعيب فيها بعد تلك الشهادة وكذا لو شهدا على البراءة من الأباق ثم اشتراها أحدهما فوجدها آبقة فله أن يردها لأن الإباق مذكور في البراءة مطلقا غير مضاف إليها فلا يكون ذلك إقرارا من الشاهد ولا من المشتري بوجود ذلك فيها بمنزلة البراءة من كل عيب ولو شهدا أنه تبرأ