يجعل كذلك كان دينا بدين وذلك لا يجوز .
والدليل عليه أن بعد ما نقد الدراهم لو أراد أن يستردها ليعطى غيرها لم يملك كما لو اقترن التعيين بالعقد بأن أضاف العقد إلى دراهم الآمر ثم أراد أن يدفع غيرها ويجعل العقد لنفسه لم يملك ذلك فإذا صار كشيء واحد فهو دليل ظاهر على من وقع العقد له فيجب تحكمه كما في حالة التكاذب .
يوضحه أنه بعد قبول الوكالة يعقد للموكل بولايته الأصلية كما يعقد لنفسه ولهذا تعلق به حقوق العقد في الوجهين فإذا استوى الجانبان يصار إلى ترجيح أحدهما بالنقد كما يصار إليه عند التكاذب وفرق أبو يوسف بين هذا وبين المأمور بالحج عن الغير إذا أطلق النية عند الإحرام فإنه يكون عاقدا لنفسه فإن الحج عبادة والعبادات لا تتأدى إلا بالنية فكان مأمورا بأن ينوي عن المحجوج عنه ولم يفعل فصار مخالفا بترك ما هو الركن وأما في المعاملات فالنية ليست بركن فلا يصير بترك النية عن الآمر مخالفا فيبقي حكم عقده موقوفا على النقد .
( قال ) ( وإن وكله بثوب يبيعه بدراهم فأسلمه في طعام إلى أجل فهو عاقد لنفسه ) لأنه خالف ما أمره به نصا وإن أمره ببيعه ولم يسم له الثمن فأسلمه في طعام جاز على الآمر في قول أبي حنيفة .
ولم يجز في قولهما وهذه فصول ( أحدها ) أن الوكيل في البيع مطلقا يبيع بالنقد والنسيئة عندنا .
وقال الشافعي لا يبيع إلا بالنقد لأن مطلق التوكيل بالبيع معتبر بمطلق إيجاب البيع ومطلق إيجاب البيع ينصرف إلى الثمن الحال دون النسيئة فكذلك مطلق التوكيل وهذا لأن الأجل شرط زائد على ما يتم به العقد فلا يثبت الإذن فيه إلا بالتنصيص .
ولكنا نقول أمره ببيع مطلق فلا يحوز إثبات التقييد فيه من غير دليل والتقييد بالثمن الحال بعدم صفة الإطلاق ولا دلالة عليه في كلامه نصا ولا عرفا فالبيع بالنسيئة معتاد بين التجار كالبيع بالنقد وربما يكون البيع بالنسيئة أقرب إلى تحصيل مقصودهما وهو الربح والدليل عليه أن المضارب والأب والوصى يملكون البيع بالنسيئة وأما مطلق إيجاب البيع فإنما يحمله على النقد لتعذر اعتبار الإطلاق فإن البيع يستدعى صفة معينة في الثمن ألا ترى أنه لو بعته منك بالنقد والنسيئة لا يجوز وفي التوكيل لا يوجد مثل هذا فالتوكيل صحيح بدون تعيين أحد الوصفين حتى لو قال بعته بالنقد أو بالنسيئة يجوز ثم قيل على قول أبي حنيفة يجوز بيعه بثمن مؤجل طالت المدة أو قصرت وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله يجوز بأجل متعارف ولو أجله مدة غير متعارفة في مثل تلك السلعة لا يجوز بمنزلة البيع بالغبن الفاحش عندهما وعند أبي يوسف .
( قال ) ( إن أمره بالبيع على وجه التجارة فله