الوكيل مؤونة القبض والتسليم إليه ولا يلحق به ضرر في تصرفه يوضحه أنا لو نقضنا قبضه احتجنا إلى إعادته بعينه في الحال لأنه يرده على المسلم إليه فيقبضه الوكيل منه ثم يسلمه إلى الموكل وهذا اشتغال بما لا يفيد والقاضي لا يشتغل بما لا يفيد ولا ينقص شيئا ليعيد وإن تارك السلم إليه مع الموكل جاز لأنه قائم مقام العاقد في ملك المعقود عليه فتصح منه المتاركة كما تصح من وارث رب السلم بعد الموت وإن لم يتاركه فأراد قبض الطعام منه فللمسلم إليه أن يمتنع من دفعه إليه لأن المطالبة بالتسليم تتوجه بالعقد والموكل من العقد أجنبي فمطالبته لا تلزم المسلم إليه الدفع إليه .
( قال ) ( وإذا دفع إلى رجل عشرة دراهم ليسلمها في طعام فناول الوكيل رجلا فبايعه فإن أضاف العقد إلى دراهم الأمر كان العقد للآمر وإن أضافه إلى دراهم نفسه كان عاقدا لنفسه ) لأن الظاهر يدل على ذلك ولأن فعله محمول على ما يحمل وفيما يعقد لنفسه لا يحل له إضافة العقد إلى دراهم غيره وإن عقد السلم بعشرة مطلقة ثم نواها للآمر فالعقد له وإن لم تحضره نية فإن دفع دراهم نفسه فالعقد له وإن دفع دراهم الآمر فهو للآمر في قول أبي يوسف .
وقال محمد هو عاقد لنفسه ما لم ينو عند العقد أنه للآمر .
وإن تكاذبا في النية فقال الآمر نويته لي وقال المأمور نويته لنفسي فالطعام للذي نقد دراهمه بالاتفاق فمحمد يقول الأصل أن كل أحد يعمل لنفسه إلا أن يقترن بعمله دليل يدل على أنه يعمل لغيره وذلك بإضافة العقد إلى دراهم الغير أو النية للغير فإذا انعدم ذلك كان عاملا لنفسه ولا يمكن أن يجعل نقد الدراهم دليلا على ذلك لأن نقد الدراهم لا يقترن بالعقد بل يكون بعده وبعد ما أوقع العقد له لا يتحول إلى غيره وإن نقد دراهم الغير وبه فارق التكاذب لأن النقد موجود عند التكاذب فيمكن أن يجعل دليلا من حيث شهادة الظاهر لأحدهما لأن الظاهر أنه فيما عقد لنفسه لا ينقد دراهم الغير فإذا كان المنقود دراهم الآمر فالظاهر يشهد له فكان القول قوله .
يوضحه أن بقبول الوكالة من الغير لا يحيل ولايته على نفسه وقبل قبول الوكالة كان مطلق عقده لنفسه فكذلك بعد قبول الوكالة لأن تلك الولاية باقية بعد قبول الوكالة كما كانت قبله ولأن موجب العقد وقوع الملك له في الطعام للعاقد إلا أنه إذا نوى للموكل فالموكل يخلفه في ذلك الملك والمصير إلى الخلف عند فوات ما هو الأصل وعند إطلاق العقد ما هو الأصل ممكن الاعتبار فلا يضاف إلى الخلف .
وأبو يوسف يقول العقد والنقد كشيء واحد حكما لأن النقد وإن كان بعد العقد صورة فهو كالمقترن بالعقد إذ لو لم