أن يبيعه بالنسيئة أما إذا أمره بالبيع لحاجته إلى النفقة أو إلى قضاء دينه فليس له أن يبيعه بالنسيئة ولو باعه بغبن جاز عند أبي حنيفة سواء كان الغبن يسيرا أو فاحشا وعندهما لا يجوز بيعه بغبن فاحش ) لأن دليل العرف يفيد مطلق التوكيل حتى يتقيد التوكيل بشراء الأضحية بأيام النحر والتوكيل بشراء الفحم زمان الشتاء والجمد بزمان الصيف فإنه إذا وكله أن يشتري له جمدا في الشتاء يكون مشتريا لنفسه وإن كان التوكيل مطلقا فصح ما ذكرنا والبيع بغبن فاحش ليس بمتعارف فالظاهر إنما يستعين بغيره فيما يعجز عن مباشرته بنفسه وهو لا يعجز عن بيع ما يساوي مائة درهم بعشرة دراهم وقاسا بالوكيل بالشراء فإن شراءه بالغبن الفاحش لا ينفذ على الآمر كذلك الوكيل بالبيع لأن كل واحد منهما أمر بما هو من صنيع التجار وكذلك الأب والوصي لا يملكان بيع مال اليتيم بغبن فاحش .
لهذا المعنى ولأن المحاباة الفاحشة كالهبة حتى إذا حصلت من المريض تعتبر من الثلث والوكيل بالبيع لا يملك الهبة .
وأبو حنيفة يقول أمره بمطلق البيع وقد أتى به لأن البيع مبادلة مال بمال شرطا وقد وجد ذلك فما من جزء من المبيع إلا ويقابله جزء من الثمن .
ألا ترى أن المبيع لو كان دارا يجب للشفيع الشفعة في جميعه وبه يتبين أنه بيع وليس بهبة وبأن اعتبر من الثلث في حق المريض هذا لا يدل على أنه ليس ببيع مطلق وإن الوكيل لا يملكه كالبيع بغبن يسير والدليل عليه أن من حلف لا يبيع فباع بغبن فاحش يحنث ولا يحنث إلا بكمال الشرط فعرفنا أنه بيع مطلق فيصير الوكيل به ممتثلا للآمر فإنا لو قيدنا بالبيع بمثل القيمة أبطلنا حكم الإطلاق من كلامه وذلك لا يجوز من غير دليل .
فأما العرف الذي قال قلنا هذا مشترك فالإنسان قد يبيع الشيء تبريا منه ولا يبالى عند ذلك بقلة الثمن وكثرته وقد يبيعه لطلب الربح فعند ذلك لا يبيعه بالغبن عادة وبالمشترك لا يبطل حكم الإطلاق ثم البيع بالغبن متعارف فالمقصود من البيع الربح وذلك لا يحصل إلا وأن يصير أحدهما مغبونا والإنسان يرغب في شراء ما يساوي عشرة بدرهم ولكن لا يجد ذلك فأما أن لا يكون متعارفا فلائم العرف لا يعارض النص والإطلاق ثابت بالنص فلا يبطل بالعرف كما في اليمين فإن العرف كما يعتبر في الوكالة يعتبر في اليمين .
وما ذكر من مسألة الأضحية وغيرها فهي مروية عن أبي يوسف فأما عند أبي حنيفة يعتبر الإطلاق في جميع ذلك .
ودليل التقييد التهمة في الموضع الذي يثبت التقييد فيه ولهذا قال أبو حنيفة الوكيل بالبيع لا يبيع من أبيه .
وابنه للتهمة ولا تهمة