أهل البصرة رحمهم الله تعالى الوقف جائز والشرط باطل لأن هذا الشرط لا يؤثر في المنع من زواله والوقف يتم بذلك ولا ينعدم به معنى التأبيد في أصل الوقف فيتم الوقف بشروطه ويبقى الاستبدال شرطا فاسدا فيكون باطلا في نفسه كالمسجد إذا شرط الاستبدال به أو شرط أن يصلي فيه قوم دون قوم فالشرط باطل واتخاذ المسجد صحيح فهذا مثله .
( قال ) ( ولو شرط الخيار لنفسه ثلاثة أيام في الوقف فعلى قول أبي يوسف الوقف جائز والشرط جائز كما هو مذهبه في التوسع في الوقف ) وقال هلال بن يحيى الوقف باطل وهو قول محمد .
وقال يوسف بن خالد السمني الوقف جائز والشرط باطل لأنه إزالة ملك لا إلى مالك فيكون بمنزلة الإعتاق واشتراط الخيار في العتق باطل والعتق صحيح وكذلك في المسجد اشتراط الخيار باطل واتخاذ المسجد صحيح فكذلك في الوقف ومحمد يقول إن تمام الوقف يعتمد تمام الرضا ومع اشتراط الخيار لا يتم الرضا فيكون ذلك مبطلا للوقف بمنزلة الإكراه على الوقف .
ثم تمام الوقف على مذهبه بالقبض وشرط الخيار يمنع تمام القبض .
ألا ترى أن في الصرف والسلم لا يتم القبض مع شرط الخيار وبه فارق المسجد فالقبض هناك ليس بشرط إنما الشرط إقامة الصلاة فيه بالجماعة وقد وجد ذلك مع شرط الخيار فلهذا كان مسجدا ثم شرطه غير معتبر في اتخاذ المسجد فلا يفسد بفساد الشرط وشرطه في الوقف مراعى وما يتعلق بالجائز من الشرط الفاسد فالفاسد من الشروط يبطله .
وأبو يوسف رحمه الله تعالى يقول الوقت يتعلق به اللزوم ويحتمل الفسخ ببعض الأسباب واشتراط الخيار للفسخ فيكون بمنزلة البيع في أنه يجوز اشتراط الخيار فيه وهذا في الحقيقة بناء على الأصل الذي ذكرنا له فإنه يجوز أن يستثني الواقف الغلة لنفسه ما دام حيا فكذلك يجوز أن يشترط الخيار لنفسه ثلاثة أيام لتروي النظر فيه .
( قال ) ( فإن خرب ما حول المسجد واستغنى الناس عن الصلاة فيه فعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يعود إلى ملك الثاني ولكنه مسجد كما كان وعند محمد رحمه الله تعالى يعود إلى ملك الثاني وإلى ملك وارثه وإن كان ميتا ) لأنه جعل هذا الجزء من ملكه مصروفا إلى قربة بعينها فإذا انقطع ذلك عاد إلى ملكه كالمحصر إذا بعث بالهدي ثم زال الإحصار فأدرك الحج كان له أن يصنع بهديه ما شاء .
( قال ) ( ولو اشترى حصر المسجد أو حشيشا فوقع الاستغناء عنه كان له أن يضع به ما شاء وأبو يوسف رحمه الله تعالى يقول إذا تم زوال العين عن ملكه وصار خالصا لله تعالى فلا يعود إلى ملكه بحال ) كما لو أعتق عبده وهذا لأن القربة التي قصدها لم تنعدم بخراب ما حولها فإن