الناس في المساجد شرعا سواء فيصلي في هذا الموضع المسافرون ومارة الطريق وهكذا يقول في الحصير والحشيش أنه لا يعود إلى ملكه ولكن يصرف إلى مسجد آخر بالقرب من ذلك المسجد وهدي الإحصار لم يزل عن ملكه قبل الذبح .
واستدل أبو يوسف رحمه الله تعالى بالكعبة فإن في زمان الفترة قد كان حول الكعبة عبدة الأصنام ثم لم يخرج موضع الكعبة به من أن يكون موضع الطاعة والقربة خالصا لله تعالى فكذلك سائر هذه المساجد في الحقيقة إنما ينبني هذا على ما بينا فإن أبا يوسف رحمه الله تعالى لا يشترط في الابتداء إقامة الصلاة فيه ليصير مسجدا فكذلك في الانتهاء وإن ترك الناس الصلاة فيه لا يخرج من أن يكون مسجدا .
ومحمد يشترط في الابتداء إقامة الصلاة فيه بالجماعة ليصير مسجدا فكذلك في الانتهاء إذا ترك الناس الصلاة فيه بالجماعة يخرج من أن يكون مسجدا .
وحكى أن محمدا رحمه الله تعالى مر بمزبلة فقال هذا مسجد أبي يوسف يريد به أنه لما لم يقل بعوده إلى ملك الثاني يصير مزبلة عند تطاول المدة .
ومر أبو يوسف باصطبل فقال هذا مسجد محمد يعني أنه لما قال يعود ملكا فربما يجعله المالك اصطبلا بعد أن كان مسجدا فكل واحد منهما استبعد مذهب صاحبه بما أشار إليه .
ثم ذكر في الأصل بعض صكوك الوقف وشرح ما هو من رسم الصكوك في ذلك بذكره في كتاب الشروط وإنما نذكر هنا من ذلك ما يتصل بالوقف فمنه أنه ذكر في المصارف وعلى ذوي الحاجة من موالي فلان بن فلان ومولياته ولم يذكر الأسفل أو الأعلى وتأويل هذا إذا كان فلان من هؤلاء العرب لا ولاء عليه فإن كان عليه ولاء فالوقف بهذا اللفظ لا يصح ما لم يبين الأعلى أو الأسفل على قياس الوصية فإنه لو أوصى لموالى فلان ولفلان موال أعتقوه وأعتقهم فإنه لا تصح الوصية ما لم يبين الأسفل أو الأعلى منصوص عليه في الوصايا في الجامع فكذلك الوقف .
ومن ذلك أنه يشترط فيه أن يرفع الوالي من غلته كل عام ما يحتاج إليه لأداء العشر والخراج وما يحتاج إليه لبذر الأرض ومؤنتها وأرزاق الولاة لها ووكلائها وأجور وكلائها ممن يحصدها ويدرسها وغير ذلك من نوائبها لأن مقصود الواقف استدامة الوقف وأن تكون المنفعة واصلة إلى الجهات المذكورة في كل وقت ولا يحصل ذلك إلا برفع هذه المؤن من رأس الغلة وذلك وإن كان يستحق بغير الشرط عندنا إلا أنه لا يؤمن جهل بعض القضاة فربما يذهب رأي القاضي إلى قسمة جميع الغلة بناء على الظاهر وإذا شرط ذلك يقع إلا من بالشرط والمقصود بالكتاب التوثق فينبغي