إلا باعتراض يد أخرى على يده وبالإباق لا يوجد ذلك .
وعلى هذا الطريق لا فرق بين أن يكون مترددا في دار الإسلام أو في دار الحرب ووجه آخر فيه وهو أن اليد الحكمي باعتبار تمكنه من الأخذ لأنه لو قدر عليه وذلك باق ما دام في دار الإسلام بقوة الإمام والمسلمين وعلى هذا الطريق لو أبق إلى دار الحرب ثم وهبه لابنه الصغير لا يجوز كما رواه قاضي الحرمين عن أبي حنيفة رحمه الله لأن اليد الحكمي ليس بثابت له في دار الحرب .
وإذا أبق العبد المأذون ثم اشترى وباع لم يجز وقد صار محجورا عليه استحسانا وفي القياس لا يصير محجورا عليه وهو قول زفر رحمه الله لأن ما به صح إذن المولى وهو قيام ملكه في رقبته لا ينعدم بالإباق لأن الإباق لا ينافي ابتداء الإذن فلا ينافي البقاء بطريق الأولى .
وجه الاستحسان أن المولى إنما يرضى بتصرفه ما دام تحت طاعته ولا يرضى به بعد تمرده وإباقه فإما أن يتقيد الإذن المطلق بما قبل الإباق لدلالة العرف أو يصير محجورا بعد الإباق لدلالة الحجر فإن المولى لو ظفر به أدبه وحجر عليه ودلالة الحجر كالتصريح بالحجر كما أن دلالة الإذن كالتصريح بالإذن ولهذا صح إذن الآبق ابتداء لأن الدلالة يسقط اعتبارها عند التصريح بخلافها ألا ترى أن تقديم المائدة بين يدي إنسان يكون إذنا له في التناول دلالة فإن قال لا يأكل بطل حكم ذلك الإذن للتصريح بخلافه ثم المولى لو ظفر به أدبه وحبسه وحجر عليه فهو وإن عجز عن تأديبه فالشرع ينوب عنه في الحجر عليه كالمرتد اللاحق بدار الحرب يموته الإمام حكما فيقسم ماله بين ورثته لأنه لو قدر عليه قتله فإذا عجز عن ذلك جعله الشرع ميتا حكما فهذا مثله والحكم في جناية الآبق والجناية عليه وفي حدوده كالحكم فيها في المصر لأن الرق فيه باق بعد الإباق وملك المولى قائم فيه وباعتباره يخاطب بالدفع أو الفداء عند قدرته عليه .
فإذا قامت البينة عليه بالسرقة لم يقطعه الإمام حتى يحضر مولاه فإذا حضر قطعه في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله .
وقال أبو يوسف رحمه الله يقطعه ولا ينتظر حضور مولاه وكذلك إذا قامت البينة عليه بسائر الأسباب الموجبة للعقوبة من حد أو قصاص فهو على هذا الخلاف .
وجه قول أبي يوسف رحمه الله أن العبد في الأسباب الموجبة للعقوبة كالحر بدليل أنه يصح إقراره بها على نفسه ولا يصح إقرار المولى عليه بذلك وفيما كان هو بمنزلة الحر لا يشترط حضور المولى للقضاء عليه بالبينة كالطلاق وهذا لأن التزام العقوبة باعتبار معنى النفسية دون المالية وحق المولى في ملك المالية فبقي هو في النفسية على أصل الحرية