ويستوي إن كان المخبر بالحرمة حرا أو مملوكا ذكرا أو أنثي لأنه أخبر بأمر ديني فإن الحل والحرمة من باب الدين ولو كان في القوم رجلان مرضيان أخذ بقولهما لأن الحجة في الأحكام تتم بخبر المثني فلا يعارض خبرهما خبر الواحد وإن كان فيهم ثقة واحد عمل فيه على أكبر رأيه لاستواء الخبرين عنده وإن لم يكن له فيه رأى واستوى الحالان عنده فلا بأس بأكل ذلك وشربه وكذلك الوضوء منه في جميع ذلك أما المصير إلى غالب الرأى فللمعارضة بين الخبرين لأن عند المعارضة لا بد من ترجيح أحد الجانبين وغالب الرأي يصلح أن يكون دليلا للعمل في بعض المواضع فلأن يصلح للترجيح أولى فإن لم يكن له رأي تمسك بأصل الطهارة .
( فإن قيل ) لا معارضة بين الخبرين لأن أحدهما ينفي الحرمة والآخر يثبت ولا تعارض بين النفي والإثبات .
( قلنا ) هذا في الشهادات فأما في الأخبار المعارضة تحقق بين النفي والإثبات لأن كل واحد منهما بانفراده مقبول .
( فإن قيل ) لا كذلك في الشاهد إذا زكاه أحد المزكين وجرحه الآخر كان الجرح أولى لأن الجرح مثبت والآخر ناف .
( قلنا ) نعم ولكن في كل موضع يكون النافي معتمدا لدليل في خبره .
تتحقق المعارضة في ذلك بين النفي والإثبات وفي كل موضع لا يكون النافي معتمدا لدليل يترجح المثبت فهنا النافي معتمد لدليل لأن طهارة الماء ونجاسته تعلم حقيقة وكذلك حل الطعام وحرمته فلهذا تحققت المعارضة والذي زكى الشاهد لا يعتمد دليلا في خبره لأن نفي أسباب الجرح لا يعلم حقيقة فلهذا يرجح المثبت هناك على النافي فإن كان الذي أخبره بأنه حلال مملوكان ثقتان والذي زعم أنه حرام واحد حر فلا بأس بأكله لأن في الخبر الديني المملوك والحر سواء ولا تتحقق المعارضة بين الواحد والمثني في الخبر لأنه يحصل من طمأنينة القلب بخبر الاثنين ما لا يحصل بخبر الواحد وإن كان الذي زعم أنه حرام مملوكان ثقتان والذي زعم أنه حلال حر واحد ثقة ينبغي له أن لا يأكله لما بينا أن خبر الواحد لا يكون معارضا لخبر الإثنين وكذلك لو أخبره بأحد الأمرين عبد ثقة وبالآخر حر ثقة يعمل بأكبر رأيه فيه لأن الحجة لا تتم من طريق الحكم بخبر حر واحد ومن حيث الدين خبر الحر والمملوك سواء فلتحقق المعارضة بين الخبرين يصير إلى الترجيح بأكبر الرأى وإن أخبره بأحد الأمرين مملوكان ثقتان وبالأمر الآخر حران ثقتان أخذ بقول الحرين لأن الحجة تتم بقول الحرين ولا تتم بقول المملوكين فعند التعارض يترجح قول الحرين لأن في قولهما زيادة إلزام فإن الإلزام بقول المملوكين ينبنى على الإلزام