على هذا ويحبس وقال مالك رحمه الله تعالى هو ناقض للعهد بما صنع فيقتل وكذلك إن كان لا يزال يغتال رجلا من المسلمين فيقتله أو يفعل ذلك أهل أرضه لم يكن هذا نقضا للعهد عندنا وقال مالك رحمه الله تعالى هو نقض لأنه خلاف موجب العقد فإن الذمي من ينقاد لحكم الإسلام في المعاملات ويكون مقهورا في دار الإسلام تحت يد المسلمين ومباشرة ما كان يخالف موجب العقد يكون نقضا للعهد ولكنا نقول لو فعل هذا مسلم لم يكن به ناقضا لإيمانه فكذلك إذا فعله ذمي لا يكون ناقضا لأمانه والأصل فيه حديث حاطب بن أبي بلتعة وفيه نزل قوله تعالى ! < يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء > ! 1 وقصته فيما صنع معروفة في المغازي وقد سماه الله تعالى مؤمنا مع ذلك وحديث أبي لبابة بن المنذر وفيه نزل قوله تعالى ! < يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول > ! 27 وقصته فيما أخبر به بني قريظة معروفة وقد سماه الله مؤمنا فعرفنا أن مثل هذا لا يكون نقضا للإيمان ولا للذمة ولكن من ثبت عليه القتل بالبينة يقتص منه فإن لم يعرف القاتل ووجد القتيل في قرية من قراهم ففيه القسامة والدية كما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتيل الموجود بخيبر فيحلف الملك خمسين يمينا بالله ما قتلت ولا عرفت قاتله ثم يغرم الدية ولا يحلف بقية أهل مملكته لأنهم عبيده والعبيد لا يزاحمون الأحرار في القسامة والدية فإن كانوا أحرارا فعليهم القسامة والدية لأنهم يساوونه في الحرية والسكنى في القرية فيشاركونه في القسامة والدية وإذا طلب قوم من أهل الحرب الموادعة سنين بغير شيء نظر الإمام في ذلك فإن رآه خيرا للمسلمين لشدة شوكتهم أو لغير ذلك فعله لقوله تعالى ! < وإن جنحوا للسلم فاجنح لها > ! 61 ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح أهل مكة عام الحديبية على أن وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين فكان ذلك نظرا للمسلمين لمواطئة كانت بين أهل مكة وأهل خيبر وهي معروفة ولأن الإمام نصب ناظرا ومن النظر حفظ قوة المسلمين أولا فربما يكون ذلك في الموادعة إذا كانت للمشركين شوكة أو احتاج إلى أن يمعن في دار الحرب ليتوصل إلى قوم لهم بأس شديد فلا يجد بدا من أن يوادع من على طريقه وإن لم تكن الموادعة خيرا للمسلمين فلا ينبغي أن يوادعهم لقوله تعالى ! < فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون > ! 35 ولأن قتال المشركين فرض وترك ما هو الفرض من غير عذر لا يجوز فإن رأى الموادعة خيرا فوادعهم ثم نظر فوجد موادعتهم شرا للمسلمين نبذ إليهم الموادعة وقاتلهم لأنه ظهر في الانتهاء ما لو كان موجودا في الابتداء منعه ذلك من الموادعة فإذا ظهر ذلك في الانتهاء منع ذلك من استدامة الموادعة وهذا لأن نقض الموادعة بالنبذ جائز قال صلى الله عليه وسلم يعقد عليهم أولاهم ويرد عليهم أقصاهم ولكن ينبغي أن ينبذ إليهم على سواء قال تعالى ! < وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء > !